شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه

صفحة 138 - الجزء 2

  فإن قيل: إن العدلية أثبتوا القَدَر للعبد حيث قالوا: إن المعاصي بقدر العبد فصحت النسبة إليهم من الإثبات.

  قلنا: هذا ليس من عباراتهم فهم لا يقولون إن المعاصي ولا الطاعات بقدر العبد فلم يضيفوا القدر إلى العبد البتة ولم يلهجوا بذكر القدر أصلاً وإنما يقولون المعصية والطاعة فعل للعبد فعله باختياره، ومع ذلك لا يمتنع أن يسمى خلقاً له؛ لأنه أحدثه وأوجده، وكل موجود محدث مخلوق بخلاف المجبرة فإنهم يلهجون بذكره ويفزعون عند معاصيهم إليه ويضيفونه إلى الله فيقولون قضاء الله وقدره أوجب العصيان.

  وقد أوضح ذلك # بقوله: (ولأنهم يلهجون به) أي بالقدر ومن لهج بالشيء نسب إليه كما يقال: أموري لمن يثبت الصفات أموراً زائدة على الذات وطبعي لمن يثبت للطبع تأثيراً وعِلِّي لمن يثبت تأثير العلة وغير ذلك.

  وأيضاً فقد صح أنهم هم القدرية لدليل سمعي غير ما ذكرنا من دليل العقل المستنبط من اللغة العربية، (و) ذلك (لما روي عن النبي ÷ في المجوس) أي في صفتهم لعنهم الله (إن رجلاً من فارس جاء إليه ÷ وقال: رأيتهم ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم فإذا قيل لهم: لِمَ تفعلون ذلك؟ قالوا: قضاء الله وقدره.