(فصل): يذكر فيه # بيان وجه الحكمة في خلق المكلفين وسائر المخلوقين وما يتصل بذلك
  وللمنايا تربي كل مرضعة ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها
  وقال الزمخشري: هذه اللام للتعليل كقولك: جئتك لتكرمني سواء سواء، ولكن معنى التعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة؛ لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدواً وحزناً ولكن المحبة والتبني غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته شُبِّه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله.
  قال: وتحريره أن هذه اللام حكمها حكم الأسد حيث استعيرت لما يشبه التعليل كما يستعار الأسد لمن يشبه الأسد.
  وقال القاسم # في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ ..} الآية [الأعراف: ١٧٩]، المراد هو الذرء الثاني في الحشر حشر المؤمنين إلى النعيم المقيم وحشر المنافقين الفاسقين إلى العذاب الأليم فعلى هذا اللام على أصلها للتعليل.
  وقالت (العدلية: وخلق الله غير المكلف) أما الجمادات من الناميات وغيرها على اختلاف أجناسها وأنواعها فإنه خلقها (لنفع الحيوان) من بني آدم وغيرهم من سائر الحيوانات (مجرداً) خَلقُها (عن اعتبارٍ لغير العقلاء) كالبهائم وسائر ما لا يعقل من الحيوان فإن الله سبحانه خلق الجماد لنفعه من غير اعتبار لأن الاعتبار يختص بالعقلاء ولهذا قال #: (ومعه للعقلاء) أي وللنفع مع الاعتبار في حق المكلفين من بني آدم (و) خلق الله (سائر الحيوان) وهو كل ما تحله الحياة من كل شيء (غير المكلف ليتفضل عليه) بأنواع التفضلات من التلذذ بالمأكول والمشروب ونحو ذلك.
  ويجوز أن يقصد بخلق غير المكلف مع ذلك نفع غيره من المكلفين وصرح كثير من العلماء أنها ما خلقت إلا لذلك، ولا بد من حمله على ما ذكرنا وذلك النفع: إما دنيوي كركوب البهائم والحمل عليها والانتفاع بأصوافها وأوبارها وألبانها وجلودها ولحومها وغير ذلك والقرآن يدل على ذلك قال الله تعالى: