شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها

صفحة 180 - الجزء 2

  على إمضاء أمر يقدر على إمضائه ولا يمضيه، فبقي في غاية النصب والعذاب، ففزع إلى خير مفزع وهو الله سبحانه فأمره بأمر أبر فيه قسمه وتحلل من أَلِيَّتهِ ولم يؤذ المؤمنة وقوعه فهذا أكبر ما يبلغ إليه كيد الشيطان ويدخل تحت مقدوره.

  قلت: وقد ذكر مثل هذا التفسير الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الهادي # وقال: إن سبب يمين أيوب # في ضرب امرأته أن مسكيناً لقيه في بعض طريقه فسأله أيوب # أين أمسى فقال: عند أهل النبي أيوب وكان أيوب # غائباً فسأله عن العشاء فقال: لم يعشه أحد وبات جائعاً فساء ذلك أيوب # وحلف ليضربن امرأته مائة سوط ثم ندم أيوب # بعد أن حلف لأنه لم يكن لامرأته ذنب لجهلها بمكان المسكين فكان بعد ذلك ما أخبر الله سبحانه.

  قال المنصور بالله # حاكياً عن الإمام أبي الفتح الديلمي ~ إن أيوب # لما نزلت به هذه البلية قال: «اللهم الآن ما أنعمت علي الإنعام كله، كنت بالنهار يشغلني حب المال وبالليل يشغلني حب العيال فالآن أُفرِّغ لك سمعي وبصري) فوفى ~ لربه من إفراغ السمع والبصر بما قال.

  وروى المنصور بالله # عن علي # أنه قال في بعض مفرداته في حمد ربه:

  عطيته إذا أعطى سروراً ... فإن سلب الذي أعطى أثابا

  فأي النعمتين أجل قدراً ... وأعظم في عواقبها إيابا

  أنعمته التي أهدت سروراً ... أم الأخرى التي ذخرت ثوابا

  وقال #: واعلم وفقك الله أن من جهل نعمة الله في المكاره ولم يعرفها إلا في اللذات والمشتهيات فقد جهل شطر الحكمة.

  قال: فإن قيل: إنا لا نرجع بالإحالة إلى أمر يعقل إضافة الفعل من حيوان ولا جماد إليه، ولكنا لما رأينا هذه الأفعال يقف حصولها على أمورٍ غيرها نحو وقوف السدم على وصول بعض البلدان وما شاكل ذلك مما يطول شرحه وواحده يدل على جنسه فلما رأينا ذلك هِبْناَ أن نضيف ذلك إلى الله تعالى لوجهين: