شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها

صفحة 181 - الجزء 2

  أحدهما: تنزيهه عما تكره النفوس.

  والثاني: أنه لو كان فعله تعالى لحصل بدون وصول البلد المخصوصة.

  قلنا: هذان وجهان باطلان، أما وجه التنزيه لله سبحانه فهو يقبح إذا تعلق بأفعاله؛ لأنا إذا نزهناه عن أفعاله لم نجد بداً من إضافتها إلى غيره فيلزمنا التثنية وذلك كفر بالاتفاق وهذه منزلة الثنوية نعوذ بالله منها؛ لأنهم لما نزهوه من فعل المكروه أضافوه إلى غيره.

  فإن اعتللنا بكراهة النفوس لها فأكثر أفعاله فينا ننفر عنها كالموت مما وقع الاتفاق عليه وكإنباته للشعر فينا في مواضع مخصوصة وأمره لنا بإزالته لأنه جعل الدنيا دار بلوى.

  وأما وجه البلدة المختصة بحصول السدم فيها أو ما يجانسه من الآلام التي تختص بعض البلدان في مجرى العادة فلا يمتنع ذلك لأنا نعلم وقوف كثير من أفعاله التي يجمع الكل عليها على شُروطٍ اعتيادية كالولد الذي لا يخلقه الله تعالى إلا أن يوضع الماء المخصوص في المكان المخصوص وكان يقدر على خلقه في غيره أو الابتداء بخلقه وأمثال ذلك كثير فلا وجه لقول القائل لم لا أسدم في موضع غير ذلك الموضع؟

  لأن الجواب له: أن الله تعالى لحكمته أجرى العادة أن لا يحصل هذا النوع من المرض إلا في هذا المكان دون غيره، وفعل الحكيم لا يعلل بعد صحة حكمته وقد صحت والحمد لله، بل فعل الفاعل على سبيل الجملة لا يعلل في مجرد وقوعه فلم يبق للخلاف كما ترى وجه معقول يوجب نفيها عن الله تعالى وإضافتها إلى غيره فوجب التسليم والقضاء بأن تلك البلدان والأسباب التي يقع عقيبها الآلام شروط اعتيادية موقوف مشروطها على اختياره تعالى إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل فثبت أن الآلام الخارجة عن مقدور العباد من الله تعالى. انتهى ما ذكره الإمام المنصور بالله # في شرح الرسالة الناصحة.