شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها

صفحة 196 - الجزء 2

  بالمرض والقحط وغيرهما من المصائب ({مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}⁣[التوبة: ١٢٦])، أي لا يعتبرون أي عرضناهم بالفتنة والامتحان للاعتبار والتذكر والرجوع إلى الحق فلم يُجْدِ ذلك فيهم بل لجوا في طغيانهم وتمادوا في كفرهم.

  ومثله قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢١}⁣[السجدة].

  (و) يحسن إيلام صاحب الكبيرة أيضاً (لمجموعهما) أي للعقوبة والاعتبار (لا للعوض) أي فلا عوض لصاحب الكبيرة (خلافاً لرواية المهدي # عن العدلية)، فإنه روى عنهم أنه لا بد في جميع الآلام ونحوها من العوض والاعتبار في جميع المؤلمين والممتحنين فالعوض يدفع كونه ظلماً والاعتبار يدفع كونه عبثاً.

  واحتجوا بما رواه البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله ÷ قال: «من كانت عنده مظلمةٌ لأخيه فليحلله⁣(⁣١) منها، فإنَّه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا دِرْهَمٌ من قبل أن يُؤخذَ لأخيهِ من حسناتِهِ فإن لم يكنْ له حسنات أُخِذ من سيئاتِ أخيه فطُرحتْ عليهِ».

  (لنا) حجة عليهم: (قوله تعالى): {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا (وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ...} الآية [فاطر: ٣٦]) فلو كانت لهم أعواض لكانت مُخفِّفَةً عنهم من العذاب وإلا فلا فائدة إذاً فيها.

  (و) لنا: (قوله تعالى) أيضاً: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ (وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ٤٠}⁣[الأعراف])، فهذه الآية نص صريح


(١) هكذا في الأصل، وفي البخاري: فليتحلله.