شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآلام التي يقبح فعلها من العبد وكيف يكون الإنصاف من أهلها

صفحة 199 - الجزء 2

  مدة طويلة من الزمان نحواً من ثمانين سنة حتى كان يسب على ثمانين ألف منبر وجعل ذلك السب سنة لأتباعه وأمر بمن امتنع من ذلك أن تضرب عنقه، وإنما منع ~ من البراءة منه؛ لأن البراءة من أفعال القلوب وهم لا يغلبون عليها بخلاف السب باللسان فإنهم يمكن أن يكرهوا عليه، والله أعلم.

  (وإن كان) المجني عليه (ذا كبيرة) أي صاحب كبيرة (فلا يزاد على إخباره) بأن المتعدي عليه بالجناية قد زيد في عذابه بقدر جنايته عليه ولا ثواب للمجني عليه ولو صبر لأنه لا يتقبل عمله مع عصيانه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧}⁣[المائدة]، ولا عوض له أيضاً على تألمه (لانحباط العوض بمنافاته العقاب) أي لبطلان العوض لأجل منافاته العقاب؛ (لما مر) من أنه يلزم من ثبوت العوض له أن ينفعه ذلك ويخفف من عذابه، وقد قال تعالى: {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}⁣[فاطر: ٣٦]، وذلك واضح.

  قلت: لفظ الهادي # في جواب مسائل أبي القاسم الرازي |: وسألت عمن ظلم في الدنيا من دنانير أو دراهم كيف يكون اللحوق من ذلك في الآخرة وليس في الآخرة دراهم ولا دنانير القول في ذلك إن الله يعطي المظلوم إذا كان مؤمناً من الثواب على ما امتحن به من ذهاب ماله في الدنيا فصبر لله سبحانه على ذلك صبراً حسناً فآتاه من الثواب والجزاء أكثر مما لو رد إليه أموال الدنيا ويعرّفه سبحانه أن ذلك جزاء على ما كان من صبره واحتسابه بما ذهب في الدنيا من ماله ويستوفي له من ظالمه الفاسق الردي بالزيادة في العذاب الأليم حتى يعلم الجاني أن ذلك نزل به خصوصية على مظلمة المؤمن ويطلع الله المؤمن على ما أنزل بظالمه ويعلمه أن ذلك الذي حل به من الزيادة في العذاب هو من أجل ما غصبه من ماله وظلمه له في حقه فهذا حال المؤمن المظلوم وحال الفاسق الظالم عند الجزاء في الآخرة التي تبقى فإن كان المظلوم والظالم فاسقين عذبهما على كفرهما وفسقهما وزيد في عذاب الظالم من الفاسقين لصاحبه حتى يعلم كلاهما أن تلك