شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآجال وحقيقتها

صفحة 225 - الجزء 2

  مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٦٧}⁣[غافر].

  وروي عن رسول الله ÷ أنه كان إذا أراد أن ينام جعل يده اليمنى تحت خده ثم قال: «اللهم باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه، اللهم إن أمسكت روحي فاغفر لي وارحمني برحمتك وإن أطلقته فاحفظني بما تحفظ به الصالحين» فهل خاف النبي ÷ أن يمسك الله روحه قبل وقت إمساكه أو جهل هذا الحد الذي حده المطرفية فصح أنه ÷ كان يتوقع الموت في ليله ونهاره؟

  والأمة مجمعة على أن النبي ÷ مات بقضاء الله وقدره ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة.

  وروي عنه ÷ أنه قال: «معترك منايا أمتي ما بين الستين إلى السبعين» وقد قال الله تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ٦٠ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ٦١}⁣[الواقعة].

  ومن تقدير الله للموت بين الناس أنهم يولدون ويموتون على مهل وهون ولا يكاد يجتمع موت ناس كثير فيشتهر ذلك اشتهاراً ظاهراً، وكذلك لا يكاد يجتمع ولادة ناس كثير فيشتهر ذلك اشتهاراً كثيراً ولا يموت الناس معاً كصريم الزرع بل يأخذهم الموت شيئاً فشيئاً على مهل وكذلك ولادة من يولد منهم فلا هم باقون ولا هم منقطعون فمثلهم كمثل قوم يدخلون داراً مفترقين ويخرجون منها مفترقين والدار هي الدنيا ومنهم من يقيم فيها كثيراً ومنهم من يقيم فيها قليلاً فهل هذا إلا بتقدير من الله تعالى.

  قال #: واعلم أن اعتقاد هذه الفرقة يؤدي إلى جحدان النعمة والبلية وضياع الشكر والصبر والأجر وذلك في طفل يختار الله له ما لديه ويخلصه من بلايا الدنيا والآخرة وينعم عليه ويبتلي بموته والديه فيجهلان ذلك القضاء ويجانبان الصبر عليه والرضا ويبديان السخط منه والشكاء ولا يظنان أنه من الله نعمة على الطفل وبلية لهما فإذا كان ذلك كذلك كانا قد جحدا النعمة والبلية