(فصل): في الألطاف وحقيقتها وبيان أحكامها
  ولعله # لم يرد الاستدلال به على أصل المسألة للاستغناء بدليل العقل وإنما أراد إبطال قول الأشعري وإثبات كفره بما يلتزمه؛ لأنه مقر بالقرآن وأنه كلام الله تعالى ولهذا قال #: (مع أن ما ذكره الأشعري) من تكليف ما لا يطاق (رد لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦])، ونحوها كقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، ونحوها ومن رد آية من كلام الله سبحانه فلا شك في كفره.
(فصل): في الألطاف وحقيقتها وبيان أحكامها
  أما حقيقتها فاللطف في اللغة بمعنى اللطافة وهي نقيض الكثافة، واللطافة والكثافة من صفات الأجسام.
  (واللطف) في عرف اللغة ما قرب من نيل الغرض وإدراك المقصود حسناً كان أو قبيحاً، قال الشاعر:
  لو سار ألف مدجج في حاجةٍ ... ما نالها إلا الذي يتلطف
  وأما في اصطلاح المتكلمين فهو ما ذكره # بقوله: واللطف (تذكير) للمكلف (بقول أو غيره حامل) ذلك القول أو غيره (على فعل الطاعة أو ترك المعصية) لأجل كونها طاعة أو معصية من دون إلجاء إلى ذلك وسواء كان ذلك القول من الله تعالى أو من غيره، وغير القول كالنظر والاعتبار وسائر الأفعال.
  وإنما قلنا: لأجل كونها طاعة ليخرج ما يحمل على ذلك وليس بلطف كمحبة الشرف والسمعة فإنها وإن حملت على فعل الطاعة أو ترك المعصية فليست لطفاً في الاصطلاح.
  وقلنا من دون إلجاء يخرج ما يحمل على فعل الطاعة وترك المعصية على جهة القسر والإلجاء فلا يسمى لطفاً.