(فصل:) في أحكام اللطف وغيره
  (وتهدم مساكنهم) فإن في ذلك عبرة للمعتبر، وتذكرة للمدكر كما أشار إلى ذلك تبارك وتعالى في قوله: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ١٣٧ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ١٣٨}[الصافات]، (وهي) أي القرون الماضية (متقدمة) بأوقات كثيرة.
(فصل:) في أحكام اللطف وغيره
  مما زعم كثير من أهل علم الكلام أنه واجب على الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
  قال #: (وما يفعله الله تعالى) لعباده من المصالح الدينية والدنياوية وغيرهما (قطعاً) أي لا يتركه بل يفعله أي لا بد أن يتفضل به (لا يقال: بأنه واجب عليه تعالى) عن ذلك؛ (لإيهامه التكليف) أي إيهام الوجوب كون الله تعالى مكلفاً بذلك الواجب؛ لأن الوجوب فيه تحميل الكلفة والمشقة وذلك لا يجوز عليه تبارك وتعالى، وما أوهم الخطأ فلا يجوز إطلاقه على الله تعالى.
  اعلم أنه قد ثبت أن الله سبحانه متفضل بإيجاد الخلق وبتكليفهم وبزيادة التكليف كالامتحان بخلق إبليس وإمهاله والتخلية بينه وبين من يضله من الغاوين، وزيادة الشهوة وتكليف الأمور الشاقة كالقتال ونحوه وكقتل النفس في زمان موسى #، وامتحان أهل القرية بخروج الصيد يوم السبت وغير ذلك من زيادة التكليف وكل ذلك تفضل من الله سبحانه وإحسان وهو عدل وحكمة لأنه عرض على استكثار الخير اتفاقاً وإذا كان كذلك فلا معنى لإيجاب الألطاف ولا غيرها على الله سبحانه إذ لا وجه يقتضي وجوبها مع حصول التمكين من الله سبحانه للمكلفين بالقوة والآلات من الطاعة والمعصية والوعد على الطاعة بالثواب والوعيد على المعصية بالعقاب ومع كونه تفضلاً وإحساناً لأنه عرض على استكثار الخير وهو ما أعد الله سبحانه من الثواب الذي لا يحصى والنعيم الجليل الذي لا يفنى في مقابلة العمل اليسير المنقطع قد قابل نعم