شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر العقل والنفس والفرق بينهما وما يلحق بذلك]

صفحة 87 - الجزء 1

  قالوا: وذلك العقل الأول هو العقل الكلي، وسائر العقول جزئيات له، والنفس المنفعلة منه هي الكلية وسائر النفوس جزئيات لها.

  قالوا: وهذه النفس الكلية إذا أضيفت إلى ما بعدها من العقول فهي عقل وما أشبه ذلك من أقوالهم التي هي الأصل والقدوة لكل غال، ومنها تفرعت كل بدعة باطلة نحو قول المجوس إن الميت منهم إذا ألقي في النار صعدت به إلى النور وقول أهل التناسخ: إن الإنسان يخرج من هيكله إذا مات إلى هيكل آخر، وقول الباطنية: إن منهم من هو بعض رب، ومنهم رب ومنهم أكثر، وإن الميت منهم ينقل لأنه شيء بزعمهم غير الجثة المحمولة، وقول الصوفية إن ربهم هُوَ هُمْ، وقول الأشعرية بالإرادة القديمة التي أضافوا إليها أفعال العباد، وقول المعتزلة بثبوت ذوات العالم فيما لم يزل، وقول أهل القفحة بالقفحة⁣(⁣١) وما أشبه ذلك.

  إلى أن قال #: القول الثالث: قول بعض من جمع بين الفلسفة والإسلام: إن العقل هو أول مخلوق خلقه الله تعالى قبل الزمان والمكان، واحتجوا على ذلك بخبر رووه، وهو أن الله سبحانه لما خلق ذلك العقل قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر إلى آخر ما ذكروه، وهذا الخبر من أوضح الدلائل على بطلان قولهم واختلاقه، وكونه مكذوباً على رسول الله ÷، وقد بين وحقق السيد حميدان # ذلك وبطلان قول الفلاسفة بما يكفي ويشفي في كتاب تنبيه الغافلين تركته اختصاراً.

  قال: والفرق بين العقل والنفس بعد اتفاقهما في كون كل منهما عرضاً يحل القلب من أمور [٦]:

  الأول: في التسمية وإن كان كل منهما مشتركاً.


(١) القفحة: هي الضربة الثانية المتولدة من الضربة الأولى إذا أرخى الضارب يده يقولون: لا فاعل لها. (من هامش الأصل).