شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في أحكام اللطف وغيره

صفحة 288 - الجزء 2

  وإذا جاز الإخلال بالتكليف جاز الإخلال باللطف لأنه تبع؛ إذ لا لطف إلا فيما كلف.

  فأما أن تركه يؤدي إلى قبح التكليف فقد بينا أن هذه الطريقة لا تقتضي وجوب اللطف ولهذا لو لم يخلق الخلق تعالى لغرض⁣(⁣١) لكان قبيحاً ولا يدل على وجوب أن يخلقهم تعالى⁣(⁣٢) بل هو متفضل بذلك، والمعنى أن ترك الفعل إذا كان يكشف عن قبح فعل آخر فإنه لا يدل على وجوب هذا الفعل الذي كان تركه كاشفاً عن ذلك لما ذكرناه.

  وعلى هذا لو أخلف تعالى في وعده ووعيده ولم يفعل الثواب والعقاب على ما أخبر به لكشف ذلك عن كون الخبر كذباً، ولا يدل على وجوب أن يعد ويتوعد لأجل ذلك بل لو تفضل بترك ذلك لكان حسناً.

  قال: وقد قال مشائخنا لو ابتدأ بخلق جماد أو حيوان غير عاقل لكشف ذلك عن قبح خلقه له ولا يدل على أنه يجب عليه تعالى أن يكمل العقل بل هو تفضل وإحسان، وأمثال ذلك كثيرة. فهذه الطريقة الجملية.

  وأما الطريقة التفصيلية فهي أن كل واحد منها لا يجوز أن يكون وجهاً في وجوب اللطف:

  أما الأول وهو أن الإخلال باللطف يعود على التكليف بالنقض والإبطال فذلك لا يصح؛ لأنا لا نقول بأنه يخل به مع استدامة التكليف لأن الذي يدعوه إلى تكليفه يدعوه إلى اللطف له في ذلك وإلى إزاحة علته ولكن حصوله بحسب الداعي لا يدل على وجوبه.

  فإما أن يقال بأنه لا يخل به متى أراد رفع التكليف فلا يصح عند الجميع لأنه إنما يجب عند التكليف عندهم فإذا ارتفع التكليف ارتفع وجوبه وبهذا يبطل


(١) أي: بل خلقهم لا لغرض. (من هامش الأصل).

(٢) لغرض. تمت (من هامش الأصل).