(فصل: في ذكر العقل)
  ويستمد من محكم الكتاب والسنة وعلوم أئمة الهدى.
  والنفس تستمد من وساوس الشيطان ومن الشبه والمتشابه ومن علوم علماء السوء ولذلك قال الله سبحانه: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}[الأنعام: ١١٢].
  والسادس: اختلاف أحوال أتْباعهما وذلك لأن المتبع لعقله يقف عند حد قدره لئلا يجهل فضل من فضله الله عليه ويقف عند حد عقله؛ لئلا يغلو في دينه غير الحق، والمتبع لهوى نفسه يخوض فيما وراء حد عقله ويتكبر على من هو أفضل منه ويحسده ولذلك قال الله سبحانه: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ٨٧}[البقرة]، وقال: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥٠}[القصص].
  قال #: واعلم أن هذه الفروق وما أشبهها هي التي يُعلم بها ضلال كل معطل ورافض، وكذب كل مدع أن عقله دله على صحة مخالفته للحق وأهله، ويعلم به الفرق بين ما يعلم ولا يتوهم كالباري سبحانه، وما يتوهم ولا يعلم نحو ما تقدم ذكره من بدع الفلاسفة وغيرهم، ويعلم به الفرق بين العالم والمتوهم. انتهى كلام السيد حميدان #.
  واعلم أن العقول مع كونها نعمة من الله سبحانه على المكلفين سابغة، وحجة له تعالى عليهم بالغة، فقد فضل الله سبحانه وتعالى بعض المكلفين فيها على بعض بعد أن أعطى كل واحد منهم فوق ما يكفيه في الهداية إلى الرشاد إن استعمله وانتفع به؛ لما في ذلك من الحكمة والمصلحة والابتلاء والاختبار كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}[القصص: ٦٨].
  قال الهادي إلى الحق # في جواب مسائل الحسن بن محمد بن الحنفية وهو إمام الأشعرية الذي يفتخرون بالرواية عنه والإسناد إليه ما لفظه: