(فصل: في ذكر العقل)
  ذلك أكثر من البغية، إلا أن يكون عليه حجة فيما فضل بعضهم من الجلد والطول والجمال، والهيئة والكمال، والبياض والفصاحة، فكلما أدخلتم علينا فيما فضل الله به بعض الخلق من العقول، فواجب عليكم لنا أن تجيبونا به فيما بين البياض والسواد والقصر والطول، حذو المثال بالمثال، ليس لكم - والحمد لله - عنه تحرف ولا انتقال، إلا بأن ترجعوا إلى الصدق فقد بان لكم - والحمد لله - الخطأ فاتقوا إملاء الشيطان وتسويله، وإغوائه وتخييله.
  إلى أن قال #: وسنضرب لكم - بحمد(١) الله وحوله - في ذلك مثلاً: أرايتم رجلاً له بيتان من حشيش وله غلامان فدفع إلى أحدهما شمعة واحدة متوقدة ودفع إلى الآخر ثلاث شمعات ثم قال لهما: ليحرق كل واحد منكما بما معه ما في أحد هذين البيتين من الحشيش، فهل ترون لصاحب الشمعة الواحدة المتوقدة المتلهبة على مولاه حجة؟ في أن أعطى صاحبه ثلاثاً وأعطاه واحدة فيقول له: لا والله ما أقدر أن أحرق بيتاً من حشيش بهذه الشمعة الواحدة فأعطني ثلاثاً مثل صاحبي وإلا فلا حيلة لي في إحراقه ... إلى آخر كلامه #.
  وقال الإمام الحسين(٢) بن القاسم بن علي # في كتاب التوفيق والتسديد: وسألت عن العقول هل هي مستوية أم بينها اختلاف؟ ... إلى قوله في الجواب: فأفضل العقول عقول الملائكة ثم عقول الأنبياء أكمل من عقول الأوصياء ثم
(١) الذي في كتاب الهادي # (بقوة الله) مكان (بحمد الله). وفي (ب): (بقدرة الله).
(٢) الإمام المهدي لدين الله الحسين بن القاسم بن علي $. مولده: سنة ست وسبعين وثلاثمائة. دعا بعد وفاة أبيه. وكان من كبار علماء الآل، وله آثار جمة، وانتفع بعلومه الأئمة، بلغ في العلوم مبلغاً تحتار منه الأفكار، وتبتهر فيه الأبصار، على صغر سنه، فلم يكن عمره يوم قيامه # إلا سبع عشرة سنة. مؤلفاته: ألَّف ثلاثة وسبعين مؤلفاً، منها كتاب مهج الحكمة وكتاب تفسير غرائب القرآن، قتل في وادي عَرَار سنة أربع وأربعمائة، وله نيف وعشرون سنة. مشهده: بريدة من مخاليف صنعاء، وأحرق الله قاتله بالنار. (التحف للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).