شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[إثبات أن الطاعات شكر والجواب على من قال بأنها ألطاف وما يلحق بذلك]

صفحة 329 - الجزء 2

  ثلاث وهي: (قول باللسان واعتقاد بالْجَنَان وعمل بالأركان) أي بالجوارح (في مقابلة النعمة) التي تفضل بها المنعم على المنعم عليه، قال الشاعر:

  أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا

  وقوله ÷: «الحمد رأس الشكر»⁣(⁣١) فجعله شعبة منه، والحمد قول اتفاقاً.

  (قالوا) أي الإمام المهدي # وموافقوه: (قال [الله] تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}⁣[العنكبوت: ٤٥] فدل) بهذا (على أنها ألطاف في العقليات).

  قالوا: وروي عن النبي ÷ أنه قيل له: إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل، فقال: «إن صلاته لتردعه»⁣(⁣٢).

  (قلنا) جواباً عليهم: لا دليل في الآية لكم على أن الصلاة لطف في ترك الظلم ونحوه لأن مجرد فعلها ليس هو الناهي عن الفحشاء والمنكر (بل هي سبب) في حصول الناهي وهو زيادة العقل و (التنوير الذي أراده الله تعالى بقوله: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال: ٢٩] أي تنويراً) في قلوبكم أي زيادة في العقل من تأثير ما يبقى على ما يفنى ومراقبة العلي الأعلى ومعرفة حقه جل وعلا (تفرقون به) أي بذلك التنوير (بين الحق والباطل، فهي) أي الصلاة (كالناهي) عن الفحشاء والمنكر (لَمَّا كانت سبباً لحصول التنوير الزاجر عن ارتكاب القبائح، وذلك لم يخرجها عن كونها شكراً لله تعالى) على نعمه.


(١) رواه عبدالرزاق في مصنفه، ومعمر بن راشد في جامعه، والبغوي في شرح السنة، والبيهقي في شعب الإيمان.

(٢) رواه الثعلبي في تفسيره عن جابر، وروى قريباً منه أحمد بن حنبل في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة بلفظ: إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق. ونحوه.