شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]

صفحة 331 - الجزء 2

  وقد روي عن علي # أنه قال: «فَرَضَ اللَّهُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ وَالصَّلَاةَ تَنْزِيهاً من الْكِبْرِ وَالزَّكَاةَ سبباً لِلرِّزْقِ وَالصِّيَامَ ابْتِلَاءً للِإِخْلَاصِ وَالْحَجَّ تَقْوِيةً لِلدِّينِ وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً للعامة وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ وَتَرْكَ الْخَمْرِ تَحْصِيناً للعقول وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ وَتَرْكَ الزِّنَى تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ وَالشَّهَادَاتِ اسْتِظْهَاراً عَلَى الْمُجَاحَدَاتِ وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً للسان وَالسَّلَامَ أَمَاناً مِنَ الْمَخَاوِفِ وَالْأَمَانَةَ إِعظَاماً لِلْأُمَّةِ وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلْإِمَامَةِ».

  (قالوا: قد ثبت) بلا خلاف (أنه لا يجوز العقاب) من الله سبحانه للمكلفين (ابتداء) أي قبل أن يعلموا بشرعيتها (على الإخلال بها اللازم) ذلك العقاب للمخل بها (من شرعيتها) أي من إيجاب الشارع لها؛ لأن من أخل بالواجب استحق العقاب، وقد ثبت أنه إذا أخل بها المكلفون ابتداء لم يعاقبوا فثبت كونها لطفاً ولو كانت شكراً كما زعمتم لزم عقاب المكلفين على الإخلال بها وإن لم يعلموا شرعيتها لأن الشكر معلوم وجوبه بالعقل.

  (قلنا) جواباً عليهم: (إنما لم يجز) العقاب لمن ذكروه (حيث لم يكن) المخل بها (مأموراً بفعلها) فليست واجبة عليه في هذا الوقت (فلم يخل بالامتثال) والعقاب إنما يكون على الإخلال بالامتثال وذلك (كما أن العبد إذا أخل بما لم يأمره به سيده لم يكن مخلاً بالامتثال) ولا مذموماً عند العقلاء.

  (و) لنا (أيضاً) حجة عليهم: أنها (وردت الرسل À) بشرعها (مع مقارنة التخويف) لمن أخل بها كقوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ٩٧}⁣[آل عمران]، {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}⁣[المائدة: ٩٥]، وما ذاك إلا لأجل كون وجوبها متقرراً في العقول جملة لكونها شكراً (فلو كانت ألطافاً) في العقليات كما زعموا (لَقَبُحَ التخويف لأن الألطاف ليست بواجبة) لأنها