(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]
  ليست مقصودة في أنفسها؛ (إذ التخويف لا يكون إلا على واجب) والألطاف ليست بواجبة. هكذا ذكره #، ولعله يريد بقوله: إن الألطاف ليست بواجبة على المذهب الصحيح الذي اختاره # وبنى عليه كما سبق ذكره.
  وأما الخصم في هذه المسألة فإنه يقول: إن الألطاف واجبة سواء كانت من فعل الله سبحانه أو من فعل العبد كما سبق ذكره.
  (قالوا) أي الإمام المهدي # ومن معه: (إنما اقترنت بالتخويف لتجويز الجهل) من المكلفين (ببعض المصالح) التي لهم في الدين.
  قلت: الذي ذكره الإمام المهدي # في الغايات رداً على أبي القاسم البلخي وأبي علي ما لفظه: والحجة لنا على تصحيح قول أبي هاشم أنه لا بد في البعثة من أن نعلم بها تكليفاً لا نعلمه إلا من جهتها أنا نعلم أنها لا تحسن من الله تعالى بعثة لنبي إلا بمعجز يدل على صدقه وإلا عاد على غرضه بها بالنقض ولا معجز يظهر على مدع للنبوة إلا ويجب علينا النظر فيه لنعلم هل هو يدل على صدق المدعي أو لا، ولا يجب على المكلف النظر في معجزة النبي إلا مع تخويف من تركه إذ لا دليل إلا السمع أو العقل ولا سمع قبل معرفة صدق النبي، ولا نعرف وجوب النظر بضرورة العقل وإنما نعرفه بدلالته وذلك أنا لا نعلم وجوب النظر إلا حيث يندفع به ضرر ولا وجوب له إلا مع تخويف ولا تخويف من ترك النظر إلا مع تجويز الجهل ببعض المصالح؛ إذ لو لم يجوز الجهل بأمر يجب عليه فعله أو يحرم لم يكن للخوف وجه فلزم ما ذكره أبو هاشم من أنه لا بد من أن نعرف بالنبوة ما لم نعرفه بدونها.
  قال: احتج أبو القاسم بأن دعاء النبي ÷ إلى طاعة الله تعالى له موقع في النفوس أبلغ من موقع دعاء غيره فيكون تأثيره أبلغ وهذا كافٍ في حسن بعثته.
  قال: قلنا: لا سبيل إلى معرفة صدقه إلا بعد صدق اليقين بالله تعالى وعدله وحكمته، وإذا عرفنا ذلك فكلام الله في كتبه السالفة أنفع وأوقع فيقع الاستغناء