شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل في معرفة فضل الملائكة على الأنبياء $

صفحة 345 - الجزء 2

  قال: والعرب قد تحذف «لا» وهي تريدها، وتثبتها وهي لا تريدها.

  والمعنى أنه لولا علم إبليس أن آدم وحواء يعلمان أن مرتبة الملائكة فوق مرتبتهما لم يرغبهما ببلوغ تلك المرتبة بأكلهما الشجرة.

  (و) لنا أيضاً: (قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}⁣[النساء: ١٧٢])، أي ولا من هو أعلى منه درجة وهم الملائكة المقربون وهم الكروبيون الذين هم أعلى منزلة عند الله كجبريل وميكائيل وإسرافيل ونحوهم ونزول الآية للرد على النصارى في غلوهم في عيسى # وإنكارهم أن يكون عبداً حين وفد أهل نجران إلى النبي ÷، والقصة مشهورة.

  (وبيان الاستدلال بها) أي بهذه الآية (أن ذلك) أي قوله: {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} (ترقٍّ) أي صعود في الكلام (من درجة) أسفل (إلى درجة) هي (أعلى منها، يعرف ذلك) الترقي (العالم بأساليب أهل اللسان العربي) وذلك لأنه (يقال: لا يأنف فلان من تعظيم العالم ولا من هو أعظم منه) أي ولا من هو أعظم من ذلك الفلان فإنه لا يأنف من تعظيم العالم أيضاً، ومن هذا قول الشاعر:

  وما مثله ممن يجاود حاتم ... ولا البحر ذو الأمواج ينأَج زاخره

  أي ما مثل الممدوح ممن يغالبه في الجود حاتم ولا ما هو أعظم من حاتم في الجود وهو البحر ذو الأمواج المضطربة.

  ومما يدل على أفضليتهم قول الوصي # في النهج: «مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ وَرُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ وَصَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ وَمُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ وَلَا سَهْوُ الْعُقُولِ وَلَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَلَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ وَأَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ وَمُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَأَمْرِهِ وَمِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَالسَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ وَمِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الأرض السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ وَالْمَارِقَةُ مِنَ