(فصل: في ذكر العقل)
  العقول؛ لهول ما يرون في ذلك اليوم، وقوله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا}[القصص: ١٠]، وقوله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}[الحج]، وليس عمى القلب إلا ذهاب بصيرته، وأيضاً لو كان القلب هو العقل؛ لكان الصبي والمجنون عاقلين.
  ولو سلمنا فهو من تسمية الشيء باسم محله كقوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ١٧}[العلق]، أي: أهل ناديه.
  وقال (بعض الفلاسفة: بل) العقل (جوهر بسيط) قيل: ومرادهم أنه لا يتجزأ؛ لأن الجوهر في لسانهم: عبارة عن أمور كثيرة ربما عبروا به عن متحيز وربما عبروا به عن عرض وربما عبروا به عن حال. ذكره الإمام المهدي # في الدامغ.
  وأما المعتزلة فحقيقة الجوهر عندهم: ما يصح تحيزه ويستحيل تجزؤه، فإن ضم إليه آخر في سمت الناظر فخط، فإن اجتمعت أربعة مربعة فسطح، فإن ارتحلها مثلها فجسم وهو أقل الأجسام أي: ما كان من ثمانية جواهر.
  وقيل: بل أقل الجسم ستة متراحلة. وقيل غير ذلك.
  والحق ما ذهب إليه أئمة أهل البيت $ من أن الجوهر غير معقول ولا ثابت، وأن العالم ليس إلا جسماً أو عرضاً كما قال الإمام أحمد بن سليمان # في كتاب الحقائق، وسيأتي مزيد ذكر لذلك في ذكر حدوث العالم إن شاء الله تعالى.
  قال القرشي: والذي أراده الفلاسفة من العقل أنه جوهر بسيط هو العقل الفعال الذي يؤثر في النفوس المؤثرة في الأجسام بزعمهم، وهو كما ذكره السيد حميدان # عنهم فيما تقدم.
  وقال (بعضهم) أي: بعض الفلاسفة: بل العقل (جوهر لطيف)، قال الإمام المهدي #: وكأن هؤلاء يجعلونه كالنور؛ لأنهم يجعلون النار لطيفة لمداخلتها الأجزاء من خلف الحوائل.