(فصل): في ذكر المعجز وحقيقته
  فثبت أن شروط المعجز ثلاثة الأول أن يكون من فعل الله تعالى.
  الثاني: ألَّا يمكننا التحيل لتحصيل مثله ابتداء.
  الثالث: أن يقع عقيب دعوى النبي النبوءة مطابقاً لما ادعاه من صفة تكوينه أو معرفاً بالنبوة كما تقدم.
  وقيل: إن شروط المعجز خمسة وهي راجعة إلى هذه الثلاثة (ويجوز تراخيه) أي تراخي حصول المعجز (عن وقت الدعوى ولو بأوقات كثيرة) وذلك (إن أخبر به) النبي (فوقع) ذلك المعجز كما أخبر (إذ صار(١)) مع التراخي (معجزين) الأول: وقوعه كما أخبر إن كان مما لا يطيقه بشر.
  والثاني: إخباره بالغيب كإخباره ÷ بظهور أمته على أكثر الأرض وفتحهم لأرض كسرى وقيصر.
  (ويجوز) أن يكون المعجز (متقدماً) على النبوءة (إن كان معرفاً بالنبوة، كقوله تعالى حاكياً عن عيسى #: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}[مريم: ٣٠] وهو في المهد) فإن نطق عيسى # في المهد بهذا الكلام الذي حكاه الله سبحانه معجزة له معرف بالنبوة لأن هذا القول وإن كان يدخل جنسه في مقدورنا فهو في حال الطفولة عقيب خروج الولد من بطن أمه متعذر عليه فهو من فعل الله سبحانه كالكلام الذي خلقه الله سبحانه في الشجرة وهذا على القول بأن عيسى # لم يكن نبيئاً في المهد وهو الأقرب.
  وقال أبو القاسم (البلخي: يجوز كذلك) أي تقدم المعجز على النبوة (إرهاصاً) أي توطئة وتمهيداً للنبوة وإعلاماً بها وهو يوافق على أنه لا يكفي في دعوى النبوءة بل لا بد من معجز عقيب الدعوى واحتج بقصة الفيل فإنها عام مولده ÷ وقصة الغمامة فإنها كانت تظلل النبي ÷ وتدور معه أينما دار
(١) كذا في الأصل، وفي (ب): صارا.