(فصل): في ذكر المعجز وحقيقته
  (قلنا) رداً على الجميع: (جميع ذلك) الذي ذكر من الأقوال وهو ظهور المعجز على غير الأنبياء (تلبيس) على الناس (وتشكيك) عليهم (بتصديق الأنبياء À) وذلك (لأن الكفار يقولون) للنبي (لا نصدقك) فيما ادعيت من النبوة وإن أتيت بالمعجز؛ (لأنه قد أتى بمثل هذا المعجز من ادعى الربوبية وهو) بلا شك (كاذب) فيمكن أن يكون دعواك باطلة كدعواه (و) كذلك فإنه قد أتى بالمعجز (من ادعى الإمامة) وليس بنبي فما يؤمننا أن تكون غير نبيء وإنما أنت إمام فتجاوزت إلى هذه المرتبة العظيمة بغير برهان.
  (أو) يقولون: قد أتى بالمعجز من ادعى (الصلاح) وليس بنبيء فما يؤمننا أن تكون من أهل الصلاح ولست بنبي.
  (أو) يقولون: قد أتى بالمعجز من ادعى (كونه محقاً في حجته) التي يحتج بها على خصمه (فلعل المعجزة) التي أتيت بها (كانت لبعضها) أي لبعض هذه الأمور التي ذكرناها (لكنك تجاريت) على الله (بالكذب) عليه فيما ادعيت (طمعاً) منك (في نيل الدرجة العليا) التي ليس فوقها درجة لأحد من البشر (وهي النبوءة) وإذا جوزنا هذا من قولهم لم تقم حجة لنبي على قومه في تكذيبهم إياه (والله تعالى عدل حكيم لا يفعل ذلك) أي لا يفعل ما يؤدي إلى التلبيس والتشكيك فبطل ما زعمه المخالف من ظهور المعجز على غير الأنبياء $.
  (وأيضاً) لنا دليل آخر على اختصاص المعجز بالأنبياء $ وهو أن المعجز (لا يكون معجزاً إلا إذا كان معرفاً بالنبوة ولم يقع) ذلك التعريف مما جوزوا ظهوره على غير النبي ممن ذكروه البتة، (أو) كان حصول ذلك المعجز (بعد الدعوى) للمعجز (والدعوى للمعجز لا تكون إلا بعد الوحي) من الله تعالى إلى النبي (أن الله تعالى سيفعل) له (ذلك) المعجز الذي يكون