(فصل): في الإشارة إلى معجزات نبيئنا محمد ÷
  دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَقَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ مُرَفْرِفَةً وَأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ وَبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ÷ فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَاسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَيَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَأَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ÷ فَقَالُوا كُفْراً وَعُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ÷ فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوَّلُ مَنْ آمن بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ [تَعَالَى] تَصْدِيقاً لنبوة رسول الله ÷ وَإِجْلَالًا لكلمته، فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ: بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ، وَهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا؟! يَعْنُونَنِي وَإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وَكَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ وَمَنَارُ النَّهَارِ مُسْتَمسِكُونَ بِحَبْلِ الله القرآن يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَسُنَنَ رَسُولِهِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَلَا يَعْلُونَ وَلَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وَأَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ». انتهى بلفظه.
  ومنها قصة شاة أم معبد(١)، وذلك أنه لما هاجر ÷ من مكة ومعه أبو بكر ومولى أبي بكر مروا على خيمة أم معبد عاتكة بنت خويلد الخزاعية فلما وقفوا بفناء خيمتها سألوها شيئاً ليشتروه منها فلم يجدوا عندها شيئاً فنظر ÷ إلى شاة في كسر خيمتها فقال: «ما هذه الشاة؟»، قالت: خلفها الجهد عن الغنم.
  فقال: «هل بها من لبن؟» فقالت: هي أجهد من ذلك.
(١) أشار إليها الإمام الهادي # في مجموعه، ورواها أبو العباس الحسني # في المصابيح وأبو طالب # في الأمالي والمتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة، وممن روى القصة الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ويستدل على صحته وصدق رواته بدلائل منها: نزول المصطفى ÷ بالخيمتين متواترا في أخبار صحيحة ذوات عدد ... الخ، وممن رواها البغوي في شرح السنة والطبراني في الكبير والبزار في كشف الأستار وغيرهم.