شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[إثبات النسخ والرد على من أنكره من يهود ونصارى وغيرهم]

صفحة 389 - الجزء 2

  وأما من جهة الشرع فلأن النسخ قد وقع لأن المعلوم عند الناس جميعاً أن الله سبحانه أباح لآدم أن يزوج أولاده أحد البطنين من الآخر وحرم أن يتزوج الواحد منهم أخته التي ولدت معه في بطنٍ واحدٍ، ثم صار ذلك حراماً بعد ذلك.

  ثم في التوراة أن الله تعالى قال لنوح عند خروجه من الفلك: إني قد جعلت لك كل دابة حية مأكلاً لك ولذريتك وأطلقت ذلك لكم كنبات العشب ما خلا الدم فلا تأكلوه.

  وحرم الله تعالى على موسى وبني إسرائيل كثيراً من الحيوان.

  قلت: وقال الإمام أحمد بن سليمان #: وأقر أهل الكتاب بأن قبلة إبراهيم # كانت إلى الكعبة، وإذا جاز نسخ الكعبة لموسى # إلى بيت المقدس جاز نسخ بيت المقدس لمحمد ÷ إلى الكعبة.

  قال العنسي |: وكان الجمع بين الأختين مباحاً ليعقوب وقد حظره الله تعالى في زمن موسى ولم يحظره من قبل، وأمر الله تعالى موسى وبني إسرائيل إذا عبروا نهر الأردن أن يبنوا لله مذبحاً في جبل عسَال فلما جاز بنو إسرائيل الأردن بنى يوشع بن نون هذا المذبح الذي أمر الله به موسى في جبل عسال ووضع بنو إسرائيل عليه القرابين، وبنى يوشع بن نون بيتاً لله في ذلك المكان وسماه يشكوا ومكث بنو إسرائيل أربعمائة سنة وأربعين سنة يحجون إلى ذلك البيت والمذبح ولو أن رجلاً حج في تلك السنين إلى موضع بيت المقدس لكان ضالاً عندهم.

  فلما مضت تلك المدة عادوا يصلون إلى مصر وإلى ألواح وهم مقيمون في البلاد ثم أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن يبني له بيتاً في موضع الفجوة من بيت المقدس فلما أسسه أوحى الله إليه: لست أنت الذي تبني هذا البيت لأنك سفكت الدماء ولكن يبنيه سليمان، فبنى سليمان ذلك البيت وحجت إليه بنو إسرائيل وتركوا البيت والمذبح الذي أمر الله تعالى به موسى وبناه يوشع بن نون.