(فصل): في ذكر نبوة نبيئنا محمد ÷
  خَلَقَ ١}[العلق]، وأول ما نزل من القرآن بالمدينة البقرة وآخر سورة نزلت سورة براءة.
  ثم لم يمنعهم ذلك أن يكتبوا الترتيب على خلاف التنزيل فجعلوا البقرة أول السور في الترتيب وسورة اقرأ من آخر الترتيب وحتى أنهم عرفوا وقت كل آية نزلت وتقديرها ومكانها وأين أمر جبريل رسول الله ÷ أن يضعها فأجمعوا على أن {مُدْهَامَّتَانِ ٦٤}[الرحمن]، آية على قِصَرها، و {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣}[الإخلاص]، آية.
  وقالوا: {آمَنَ الرَّسُولُ ...}[البقرة: ٢٨٥] إلى آخر السورة على طولها آية، وأن آية الكرسي آية وكل واحد منهما أضعاف الضرب الأول. انتهى.
  قلت: وقال في الغايات: وأجمعوا أن قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[الفتح: ٢٩]، آية، مع إجماعهم على أن قوله تعالى في آخر سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ ...} إلى آخر السورة آيتان.
  إلى قوله: فلولا أنهم أخذوا ترتيب الآي ومواضعها ومقدارها عن النبي ÷ وإلا لما أجمعوا على هذه التعبدات التي لا يعقل وجهها.
  قال: وكذلك في الخبر عنه ÷ أن جبريل # كان يعرض عليه القرآن كل عام مرة وعرضه عليه عام وفاته مرتين. انتهى كلام الغايات.
  قال العنسي ¦: وهذا يدل على كثرة الحفظ وحتى بلغ من حفظهم أنهم عرفوا كل آية نزلت قبل وهي في القراءة بعد كقوله تعالى: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً}[الأنبياء: ٤٠]، نزلت قبل قوله: {حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ}[المائدة: ٣٩]، وهي بعدها في القراءة.
  وقالوا: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ}[البقرة: ٢٤٠]، نزلت قبل قوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤]، وهذه بعدها ناسخة لها.