(فصل): في ذكر نبوة نبيئنا محمد ÷
  وأن قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١}[التوبة: ١]، نزلت بعدما نزلت: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ}[التوبة: ٤]، والأولى في القراءة قبل.
  وقال النبي ÷: «يأتيني جبريل فيأمرني أن أضع آية كذا بين ظَهْرَي كذا من السورة بعد السورة وهي في القرآن قبلها، وهذه الأمور كلها وأجناسها مما لا ينحصر تدل على كثرة ضبطهم وشدة حفظهم وأنهم ما بدلوا ولا غيروا.
  قال: فأما إنكارهم كتابة المصحف فهو من المحال، فإن كتب الله المنزلة ما زالت تكتب وتحرس في المصحف ليكون أعون للضعيف والعزيز وأرفق بالمسافر وأحفظ للصبيان وغير ذلك من المصالح التي لا يعلمها إلا الله تعالى.
  ومن المعلوم أنه كان له ÷ كاتب الوحي وأن القرآن كان يكتبه له كتبة ومنهم من نافق كابن أبي سرح ومنهم من عاند الحق كمعاوية.
  وقال زيد بن ثابت: بينما نحن حول رسول الله ÷ نولف القرآن من الرقاع إذ قال: «طوبى للشام» قلنا: يا رسول الله لِمَ؟ قال: «لأن الملائكة باسطة أجنحتها عليها».
  وفي قوله تبارك وتعالى ما يكفي، قال تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ٢ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ٣}[البينة]، وقال: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ١١ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ١٢ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ١٣}[عبس].
  وقال: {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ٣}[الطور]، وقال: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ٢١ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ٢٢}[البروج]، وهذا كثير، فبان أنه لا استنكار في كتابته.
  قال: فأما قولهم: إنه لم يكن كتب في زمنه ÷ فذلك لا يصح لأن كتابه ÷ وكتابته في زمنه في القصب والعيدان وغير ذلك كانت ظاهرة وليس يطعن به إلا جاهل أو معتوه.