(فصل): [القرآن كلام الله تعالى وخلقه ووحيه وتنزيله]
  فقولنا: فلان حافظ مجاز من الكلام مشبه بحفظ المتاع من التلف لما كان العلم يمنعه عن الزوال وليس الغرض أنه متكلم.
  وأيضاً فإنه يكون حافظاً ولا يسمع منه كلام.
  وأيضاً فقد يجوز أن يخلق الله تعالى الحفظ وإن كان الكلام من فعل العبد.
  وأيضاً فإنه إن جعل الحفظ هو عين الكلام فنبطله بما ابطلنا به قول الأشعرية وإن جعله باقياً في القلب فكلامه ككلامهم، وقد تم إبطاله وإن جعله باقياً في الحاسة وإن كان الحفظ في القلب فقد ادعى ما يعلم بالضرورة خلافه فإنا نعلم أن كلامنا وإن كنا نحفظه ليس بموجود في اللسان بعد السكوت.
  قال: وأما احتجاج أبي علي بأن الأمة أجمعت على أن هذا المتلو كلام الله فما خالف هذا الإجماع فهو باطل، فهو صحيح ولا حجة له فيه لأن قولنا لا يخالفه وسنبين ذلك إن شاء الله تعالى في الكلام في ذكر الحكاية.
[الاختلاف فيما يحتاج إليه الكلام والصوت في الوجود]
  وأما اختلافهم فيما يحتاج إليه الكلام والصوت في الوجود:
  فقال العنسي ¦: قد اختلف الناس في الكلام والصوت أيضاً اختلافاً كثيراً من جهة احتياجهما إلى المحل:
  فقال الشيخ أبو علي: يحتاج الصوت في وجوده إلى صلابة المحل من أي فاعل وجد.
  وقال الشيخ أبو القاسم: يحتاج الصوت إلى الصكَّة.
  وقال الشيخ أبو هاشم: يحتاج إلى الصلابة من فعلنا ولا يحتاج إلى حركة محله بل يوجد في المحل الساكن وجرى له مثل قول أبي علي في حاجته إلى صلابة المحل.
  واختلفوا في الكلام: قال أبو علي: يحتاج في وجوده إلى بِنيَة في محله وإلى حركة واعتماد يولده شاهداً وغائباً.
  وقال: لا بد أن يهيئ الله تعالى محل كلامه بهيئة الفم واللسان والشفة ثم يحدثه.