حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الرابع عشر

صفحة 164 - الجزء 1

الحديث الرابع عشر

  عَنْ⁣(⁣١) أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «أَيُّهَا النَّاسُ؛ لَا تُعْطُوا الْحِكْمَةَ غَيْرَ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا، وَلَا تَمْنَعُوهَا أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ، وَلَا تُعَاقِبُوا ظَالِماً فَيَبْطُلَ فَضْلُكُمْ، وَلَا تُرَاءُوا النَّاسَ فَيَحْبَطَ عَمَلُكُمْ، وَلَا تَمْنَعُوا الْمَوْجُودَ فَيَقِلَّ خَيْرُكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّ الْأَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ: أَمْرٌ اسْتَبَانَ رُشْدُهُ فَاتَّبِعُوهُ، وَأَمْرٌ اسْتَبَانَ غَيُّهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَأَمْرٌ اخْتَلَفَ عَلَيْكُمْ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ، أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَمْرَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ مُؤْنَتُهُمَا عَظِيمٌ أَجْرُهُمَا لَمْ يُلْقَ اللهُ بِمِثْلِهِمَا، الصَّمْتُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ»(⁣٢).

  الإعطاءُ نقيضُ المنع. والحكمةُ العِلْم النافع، وهو عِلْمُ القرآن وتفصيل معانيه، وتفسير مُجْمَله، والمعرفة بأحكام أوامره ونواهيه، ومُحْكَمه ومتشابهه، وخاصه وعامه، ومجمله ومبينه، وناسخه ومنسوخه، والاعتبار بِعِبَرِه، والفهم لأمثاله العجيبة، وقصصه الغريبة، فهذا عندنا رأس الحكمة ومفتاح الرحمة.

  وأهل الشيء هم أَولى الناس به وأدناهم منه، وذلك في لسان العرب ظاهرٌ، وقد قال عبد المطلب فيما يروى:

  نَحْنُ آلُ اللهِ فِي كَعْبَتِهِ ... لَمْ يَزَلْ ذَاكَ عَلَى عَهْدِ ابْرَهَمْ⁣(⁣٣)

  معناه: نحن أَولى الناس بالله تعالى لاتباعنا أمره، وقد أقرَّ الشرع الشريف ذلك، روينا عن النبي ÷:


(١) قال السيد الشريف: وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال حدثنا أبو اليمان قال حدثنا شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... الحديث.

(٢) الجزء من الحديث: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَمْرَيْنِ خَفِيفٌ مُؤْنَتُهُمَا عَظِيمٌ أَجْرُهُمَا لَمْ يُلْقَ اللهُ بِمِثْلِهِمَا، الصَّمْتُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ» بهذا اللفظ وبألفاظ مقاربة، رواه البزار في مسنده: (١٣/ ٣٥٩) رقم (٧٠٠١) وأبو يعلى في مسنده (٦/ ٥٣) رقم (٣٢٩٨) والطبراني في الأوسط: (٧/ ١٤٠) رقم (٧١٠٣) والبيهقي في الشعب: (٧/ ٢٠) رقم (٤٥٩١) و (١٠/ ٣٦٩) رقم (٧٦٤١) عن أنس.

(٣) إبْرَاهِيمُ #، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وفيه أربع لغات: إبْرَاهِيمُ، وَإِبْرَاهَامُ، وَإبْرَاهِمُ، وَإبْرَهَمُ، ا. هـ.