[أهل الحكمة]
  مَأْمُونٍ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا يَسْتَظْهِرُ بِحُجَجِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَبِنِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ، أَوْ مُنْقَاداً لِلشَّكِّ يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ، لَا ذَا وَلَا ذَاكَ أَقْمَنَ، أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهَوَاتِ، أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالِادِّخَارِ، لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ [فِي شَيْءٍ] أَقْرَبُ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ، كَذَلِكَ الْعِلْمُ يَمُوتُ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ، اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ للهِ بِحُجَّةٍ [إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً وَإِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً] كَيْ لَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ، أُولَئِكَ [وَاللهِ] الْأَقَلُّونَ عَدَداً، الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللهِ قَدْراً، بِهِمْ يَدْفَعُ اللهُ عَنْ حُجَجِهِ [وَبَيِّنَاتِهِ] حَتَّى يُؤَدُّوهَا إِلَى نُظَرَائِهِمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى، أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، هآهٍ هآهٍ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكَ، إِذَا شِئْتَ فَقُمْ).
  وهذا كما ترى مطابق لتأويلنا المتقدم، بل تأويلنا المتقدم يَمُتُّ إليه.
[أهل الحكمة]
  وأهل الحكمة هم آل محمد عليه وعليهم أفضل السلام، وأشياعُهم الصادقون ¤؛ لأنهم منهم، لهم مالهم وعليهم ما عليهم، وقد قال ÷ في أهل بيته $ حاكياً عن الله سبحانه: «وَخَلَقْتُ شِيعَتَكُمْ مِنْكُمْ» وقد صرح بهذا أمير المؤمنين # في قوله: أولئك خلفاء الله في بلاده وأمناؤه على عباده، ولا يكون هذا بالشرع القويم إلَّا لهم أو لأشياعهم، وغير ذلك لا يصح، ثم أظهر # أمارة الوَجْدِ لشوقه # إلى رؤيتهم، وكان ذلك الظاهر من حاله # مع أبوينا الطاهِرَين المطهَّرَينِ الحسن والحسين عليهما سلام الله ورضوانه، فإنه كان يكرمهما ويعظمهما ويميزهما على سائر إخوتهما تقرُّباً إلى الله وإلى رسوله بصلتهما، فإذا كان هذا حال عليٍّ # معهما في عصرهما ومع ذريتهما - كما ترى - من بعدهما؛ فما عذر من عاصر قوماً اشتاق عليٌّ # إلى رؤيتهم، ولم يأخذ من خَلَّتهم(١) بنصيب، ويضرب في علمهم بسهم مصيب، فالحمد لله الذي جعلنا من ذريةٍ يتقرَّبُ عليٌّ # إلى الله تعالى بصلتها ويشتاق إلى رؤيتها.
(١) الخَلَّة: الْخَصْلَةُ تَكُونُ فِي الرَّجُلِ ... (لسان العرب ١١/ ٢١٦) ولفظة: نصيب سقطت من الأصل.