[الرياء]
  تعالى، والماعونُ: الزكاة والحقوق الواجبة، وقد قيل أساور الدار وما لا يستغني عنه الجار من الفأس والحبل والشريم والقدر والرحا.
  وقد روينا عن النبي ÷ وقد سأله رجل فقال: يا رسول الله؛ ما الجهاد في سبيل الله؟ فإنَّ الرجل يجاهد ليغنم، ويجاهد ليُذْكَرَ، فقال رسول الله ÷: «مَنْ جَاهَدَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ جِهَادٌ».
  قوله #: وَلَا تَمْنَعُوا الْمَوْجُودَ فَيَقِلَّ خَيْرُكُمْ.
  المنعُ: نقيض الإعطاء. والموجودُ نقيض المعدوم، والمراد به هاهنا الممْكِن. وقِلَّةُ الخير يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون أراد بالموجود من الحق الواجب كالزكوات والأعشار، فَمَنْعُ ما هذا حاله محظورٌ لا يحل، وقلة الخير هاهنا عدم الثواب وذهابه، وثانيهما: أنْ يكون المراد بالموجود ما يتعلق بباب المروءة من صدقات النفل، والإحسان المتعلق بباب التفضل من إعطاء السائل، وبسط النائل، وجبر العائل، والخير: ما يقع في مقابلة ذلك من الثواب، وقلة الخير في ذلك عدمه، أعني عدم الثواب الجزيل، والثناء الجميل، والذكر النبيل.
  المعنى في ذلك على الوجه الأول: أنه لا يحلُّ للمسلم أن يمنع الموجود من الحقِّ الواجبِ؛ إذ هو يُفَوِّتُ على نفسه بذلك ثواباً عظيماً، ويَجُرُّ عليها عذاباً أليماً، ومَنْ هذه حالُه لم يدَعْ لنفسه إلى الخير طريقاً، وفي ذلك ما روينا عن ابن عباس، عن رسول الله ÷ قال: «إنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْفَقِيرِ فِي مَالِ الْغَنِي فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً، فَمَنْ مَنَعَهُمْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ولا أقل خيراً ممن هذه حاله.
  وأما على الوجه الثاني: فإنَّ اكتساب الخير، ومتاجرة الرب، والإحسان إلى المؤمنين خاصة، وسائر الخلق عامة من أخلاق الأنبياء وسيرة الأوصياء، ومتاجر الثواب الربيحة، وطرق الحق الفسيحة، فلا ينبغي لمسلمٍ أن يُضَيع نصيبه من هذا الخير لغيره، فمهما ترك الإنسان من ذلك فهو غير متروك، فلا تكن أعجز الرجلين وأقلهما للخير اغتناماً، وإلى المغفرة سباقاً.