الحديث الخامس عشر

  عَنِ⁣^(⁣١) ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ ÷ خُطْبَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ⁣^(⁣٢)، فَكَانَ مِمَّا ضَبَطْتُ مِنْهَا: «أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ مَنْ تَوَاضَعَ عَنْ رِفْعَةٍ، وَزَهَدَ عَنْ غُنْيَةٍ، وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّةٍ، وَحَلُمَ عَنْ قُدْرَةٍ، أَلَا وَإِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عَبْدٌ أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا الْكَفَافَ، وَصَاحَبَ فِيهَا الْعَفَافَ، وَتَزَوَّدَ لِلرَّحِيلِ، وَتَأَهَّبَ لِلْمَسِيرِ، أَلَا وَإِنَّ أَعْقَلَ النَّاسِ عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ فَأَطَاعَهُ، وَعَرَفَ عَدُوَّهُ فَعَصَاهُ، وَعَرَفَ دَارَ إقَامَتِهِ فَأَصْلَحَهَا، وَعَلِمَ سُرْعَةَ رِحْلَتِهِ فَتَزَوَّدَ لَهَا، أَلَا وَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ مَا صَحِبَهُ التَّقْوَى، وَخَيْرَ العَمَلِ مَا تَقَدَّمَتْهُ النِّيَّةُ، وَأَعْلَى النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ أَخْوَفُهُمْ مِنْهُ».

  قد تقدم الكلام في ابن عمر، وهو غير منازَع في شرفه، ولا متنازَع في ورعه وعِفَّته وفضله على سبيل الجملة، وطبقتُه الثامنة من طبقات قريش؛ لأنهم رُتِّبوا على بني هاشم، وبنو المطلب داخلون في بني هاشم، فلم يُفْصَلوا منهم، فأوَّلُهم بنو هاشم، ثم يتلوهم عبد شمس بن عبد مناف، ثم بنو نَوْفَل بن عبد مناف، ثم بنو أَسَد بن عبد العُزَّى بن قُصَي، ثم بنو عبد الدَّار بن قُصَي، ثم بنو زُهْرَة بن كِلاب، ثم بنو تَيْم بن مُرَّة، ثم بنو مخزوم بن يقَظة بن مرة، ثم بنو عَدي بن كعب.

  والخطبةُ قد تقدم الكلام في معناها، وأنها أُخذتْ من الخَطْبِ لِعِظَم الحال فيها، وقد قال قائلهم لغيره يخاطبه:

  أَبُوكَ مُعَمٌّ فِي الْكَلَامِ ومُخْوَلٌ ... وَجَدُّكَ سَبَّاقُ الْجَرَاثِيمِ فِي الْخُطَبْ⁣^(⁣٣)

(١) قال السيد الشريف: وحدثني شيخي قال حدثني أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد بن درهم قاضي مدينة السلام قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ... الحديث.

(٢) تكاثرت الرواية في وصف الخطبة وبهذا اللفظ، ولم تذكر الروايات مضمونها،.

(٣) رَجُلٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ، كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ، ومُخالٌ مُعَمٌّ، بضمهما: كَريمُ الأَعْمامِ والأَخْوالِ، (القاموس ٩٩٦).