حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث السادس عشر

صفحة 188 - الجزء 1

الحديث السادس عشر

  عَنْ⁣(⁣١) أَبِي هُرَيْرَةَ، وقد تقدم ذكر حاله ونسبه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «إِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا مِنْ شُبْهَةٍ فِي الدِّينِ ارْتَكَبُوهَا، أَوْ شَهْوَةٍ لِلَذَّةٍ آثَرُوهَا، أَوْ غَضْبَةٍ لِحَمِيَّةٍ أَعْمَلُوهَا، فَإِذَا لَاحَتْ لَكُمْ شُبْهَةٌ فَاجْلُوهَا بِالْيَقِينِ، وَإِذَا عَرَضَتْ لَكُمْ شَهْوَةٌ فَاقْمَعُوهَا بِالزُّهْدِ، وَإِذَا عَنَّتْ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَادْرَؤُوهَا بِالْعَفْوِ، إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ لَهُ عَلَى اللهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ، فَيَقُومُ الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}»⁣(⁣٢).

  معنى يُؤْتَى الناس يؤخذون ويهلكون، كما يقول صاحب الثَّغْرِ: أخشى أن يأتينا العدو من هاهنا، وقد قال تعالى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ}⁣[النحل: ٢٦] ويقول قائل أهل اللغة: أُتِينَا من كذا وكذا، إذا نزل بهم المحذور من هنالك، فأكثر ما يستعمل أُتِينَا في المكروه، وإن كان الأصل في الإتيان يقع في المحبوب والمكروه؛ فقد صار المكروه به أخص.

  ويوم القيامة هو يوم القيام إلى الله تعالى، قال سبحانه: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٦}⁣[المطففين] معناه: إلى رب العالمين، والله أعلم، ويحتمل أن يكون قيامهم له وحده لا لأحدٍ سواه لئلا يُتوهم أنَّ لصاحب الصُّورِ في ذلك صُنْعاً، بل قيامهم لله تعالى وحده، وأُلْحِقَت الهاء فيها للمبالغة، ومثله كثير، والمراد بإحدى ثلاث أي بواحدةٍ من ثلاث، ثم بيَّنَها # فقال:

  إِمَّا مِنْ شُبْهَةٍ فِي الدِّينِ ارْتَكَبُوهَا.


(١) قال السيد الشريف: وحدثنا أبو موسى جعفر بن إبراهيم بن الهادي قال حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال حدثنا أبو اليمان عن شعيب عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة ... الحديث.

(٢) الجزء الأخير من الحديث: «إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... الخ» رواه بألفاظ متقاربة: البيهقي في شعب الإيمان: (٩/ ٥٢٤) تحت رقم (٧٠٥٠) وأبو نعيم في حلية الأولياء (٦/ ١٨٧) والخطيب البغدادي في تاريخه (٧/ ٦٨) رقم (٣١٣٨) وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٨/ ٨٧) وابن كثير في البداية والنهاية (١٠/ ٣١٩) وابن أبي الدنيا، وذكره في تخريج أحاديث الكشاف.