[الشبهة]
  والشبهة: هي التي تُشْبِهُ الحقَّ وتلتبس به، قال الله تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}[البقرة: ٧٠] أي يلتبس بعضها ببعض لاشتراكها في اللون والصورة، وهذا يحتمل أن يُراد بها المتدينون من كلِّ فرقة من فرق الكفر والإسلام؛ لأنهم ما أُتُوا إلَّا من الشبهة، ويحتمل أنْ يخص بها فرق الإسلام الضَّالة، وأن يكون الدين المعهود هو دين الإسلام. والارتكاب: هو افْتِعَالٌ من الركوب، فكأنَّه # قال: رَكِبُوها، ورُكُوبُهُمْ لها اعتقادهم لها وعملهم عليها، وكان أكثر ما يُتَصَرَّفُ به في الأمور وتقضى به الحاجات الركوب، فحُمِل الاعتقاد عليه استعارةً وتشبيهاً، وهي من غرائب الاستعارات وعجائب العبارات، ولِمَ لا يكون كذلك صلى الله عليه وهو من قريش البِطاح، ورُبِّي في بني سعد، وهم فُصَحاء العرب، وكان روح القُدُس يؤيِّده ويعينه.
  والشهوة: هي المعنى الذي يُوجِبُ كون جُمْلةِ الحي مشتهياً بشرط الاختصاص.
  واللذة: هي ما يحصل عقيب إدراك المشتهى، وقد يكون المشتهى مباشراً، وقد يكون منفصلاً، فتقع اللذة عقيب المشاهدة والذكر والتصور، والإنسان يجدها من نفسه. وإيثارُ الشهوة تقديمُها على غيرها، هذا أصل الإيثار أنْ يُقَدِّم فعلاً على غيره مع الحاجة إلى ذلك، وقد يكون محموداً، وقد يكون مذموماً باختلاف القصود والوجوه.
  والغَضْبة: هي واحدة الغَضَب، وهو الغيظ والحنَق، وقد يكون محموداً إذا كان الغضب لله، فإن كان للحمية والأنفة كان مذموماً. والحميةُ: هي الكِبْرُ والأنَفَة، وهو سَفَهُ الحق واستصغار الناس، وإعْمالُ الحمية يراد به فعلها، ولا يجوز فعل الحمية، ولا العمل لأجلها.
  المَعْنَى فِي ذَلكَ: أن الناس لا يُؤْتَون يوم القيامة في نفوسهم إتياناً يوجب هلاكَ النفوس وخلودَها في العذاب الدائم إلَّا من إحدى الثلاث التي ذكر ÷.
[الشبهة]
  أوَّلُها الشبهة في الدين؛ لأنها أصلٌ لكل ضلالة، وفتنتها أعم، وأمرها أهم، فكم من عالم قد طرحت به الشبهة في بحار الضلال، وكم من متعلم أوردته أودية الوبال، وكم من جاهل قد دَحَّتْ(١) به في مَيْدان النكال، ولا يعتصم من فتنتها إلا من جعل خوف الله تعالى عُدَّتَه، والفزعَ
(١) الدَّحُّ: الدَّفْعُ وإِلْصَاقُ الشَّيْءِ بالْأَرْضِ، وَهُوَ مِنْ قَرِيبِ الدَّسِّ. (لسان العرب ٢/ ٤٣٣)