[طرف من أحوال أئمة فقيه الخارقة من العباسيين]
  له، وألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها، خصنا برحم رسول الله ÷ وقرابته، وأنشأنا من آبائه، وأنبتنا من شجرته، واشتقنا من شعبه(١)، جعله من أنفسنا عزيزاً عليه ما عنتنا حريصاً علينا بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، وضعنا من الإسلام وأهله الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام ما يتلى(٢) عليهم؛ فقال ø فيما أنزل من محكم القرآن: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب]، وقال ø: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣]، وقال تبارك وتعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ٢١٤}[الشعراء]، وقال عز من قائل: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}[الحشر: ٧]، وقال جل ثناؤه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}[الأنفال: ٤١]، فأعلمهم ø فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا، تكرمة وفضلاً علينا، والله ذو الفضل العظيم.
  إذ زعمت الشانية الضلال أن غيرنا أحق بالسياسة والرياسة والخلافة منا؛ فشاهت الوجوه، بم ولم أيها الناس؟! وبنا هدى الله الناس من بعد ضلالتهم، وبصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق وأدحض الباطل، وأصل بنا ما كان فاسداً، ورفع بنا الخبيثة، وتمم النقيصة، وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة إخواناً أهل تعاطف وبر ومواساة في دنياهم(٣)، إخواناً على سرر متقابلين في آخرتهم، فتح الله ذلك منة ومنحة بمحمد ÷.
  فلما قبضه إليه قام بالأمر بعده أصحابه وأمرهم شورى بينهم، فحوّزوا
(١) في الطبري: نبعته.
(٢) في الطبري: كتاباً يتلى عليهم.
(٣) في الطبري: في دينهم ودنياهم.