كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في دعوى الفقيه أن عليا (ع) صلى على أصحاب معاوية في صفين]

صفحة 282 - الجزء 2

  ودلالة العقل تقضي بأن من فعل القبيح استحق الذم والإهانة بالعقاب والحبس ولا خلاف في معصيتهم لله بالخروج على علي بن أبي طالب # وحربه.

  وأما أن علياً لو كان يعتقد كفرهم وأنهم من أهل النار - فجمع بين أمرين مختلفين أما كفرهم فهو لا يعتقده ولا نحن إلا من خصصناه بالدليل كمعاوية ومن حذا حذوه، ولكنهم قاسطون خارجون من أمر الله ففسقوا بذلك لغة وشرعاً.

  وأما صلاة علي # عليهم فنحن نخبر الفقيه بها - إن قبل الرواية؛ لأنه قد أراح على نفسه بخروجه من طريقة أهل العلم حيث إنه ما وافق غرضه صححه بغير حقيقة، وما خالفه قال: هذا غير صحيح، وهو مطرفي! - وذلك ما رواه ابن الكلبي في حديث صفين، ورفعه بإسناده إلى علي # أنه كان كلما قتل قتيلاً، قال: (اللهم إنه عدوك، قاتل ليدحض دينك، ويبطل ما جاء به نبيك، فأصل وجهه النار).

  فإن أراد الفقيه الصلاة اللغوية؛ فلا شكّ أن الدعاء صلاة في اللغة، ولكنه دعاء على القتيل لا له.

  ولأنا روينا عن الحسين بن علي # أنه صلى على سعيد بن العاص لما ألجئ إلى ذلك؛ فقالوا له: ما قلت يا ابن رسول الله؟ فقال: دعوت عليه ولعنته؛ فهذا رأي أهل البيت $ وهو إجماعهم، وذلك معلوم في فقههم وعلومهم لا كما قال في حديث ظاهر، وهو أغمض غامض.

  وقولنا: وهذه كتبهم شاهدة بما قلنا، ونحسب أنه لا يدري أن لهم فقهاً ولا كتباً.

  قال بعد ذلك: «ثم هب أنه صحيح فالتوبة عندكم تمحو ذلك، ولم يرد ذكرها في الحديث» فهذا جهل منه بأحكام اللغة العربية والعلم؛ لأن المعلوم بمنزلة المذكور وإن لم يذكر، وذلك في كتاب الله ولغة العرب أظهر من أن يخفى على من يعرف هذا الشأن وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ..} الآية [الرعد: ٣١]، وقال الشاعر: