كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إبطال استحقاق العباسية للإمامة وأنها لا تكون بالإرث]

صفحة 309 - الجزء 2

  والإجماع حجة، ولا دليل على جوازها في غيرهم من سائر الناس كما يزعمه الخوارج الحشوية، ولا في قريش دون غيرهم كما تزعمه المعتزلة ومن قال بقولها، ولا في ولد العباس خصوصاً من قريش كما قالت الراوندية الملحدة، ولأن العباس وولده عبدالله وولده علياً وهم أفضل أهل عصرهم لم يدعها واحد منهم⁣(⁣١) في أيامهم؛ بل اعتقادهم الإمامة في علي وذرية رسول الله ÷ من بعده؛ لأن الدلالة لم تقم على واحد من هذه المذاهب.

  ومما يبين لك ذلك: أن الإمامة أمر شرعي لا مجال للعقل فيها لأنها تقتضي أموراً ضارة ينفر العقل عنها على الجملة كالقتل والجلد، وأخذ الأموال كرهاً، وإلزام الناس الأحكام قسراً وغير ذلك؛ فمتى وجد دليل شرعي يبيح هذه الأمور، وإلا بقيت على حظر العقل، ولا دليل من كتاب ولا سنة على ما ادعوه على اختلاف أقوالهم على ما نجلب ذلك عند الحاجة إليه مبرهناً إن شاء الله تعالى.

[إبطال استحقاق العباسية للإمامة وأنها لا تكون بالإرث]

  يحقق هذه الجملة: أن العباس ¥ ما ادعاها لنفسه بل قال لعلي #: امدد يدك أبايعك، حتى يقول الناس: عم رسول الله ÷ بايع ابن أخيه فلا يختلف عليك اثنان، وعلى أن من يدعيها للعباسية لا يدعي فيها نصاً ولا طريقاً سوى الإرث، والإمامة لا تجري مجرى المواريث؛ لأن الإرث يستحقه الصغير والكبير، والذكر والأنثى، وليست الإمامة كذلك.

  ولأنهم عقدوها لابن العم مع وجود العم، فجعلوها لعبدالله بن محمد السفاح ولأخيه عبدالله المنصور أيضاً وقتلوا عمهم عبدالله لما طلبها بعد اعتقاده إمامة ولد أخيه السفاح؛ فدعواهم خلاف ما ادعوا لهم، وذلك لا يصح بالإجماع.


(١) قال ¦ في التعليق: قال العباس ¥: جعلتني يا رسول الله آخرهم، فقال ÷: «إن علياً سبقك بالهجرة»، أخرجه الترمذي عن أسامة بن زيد، تمت.