[إبطال استحقاق العباسية للإمامة وأنها لا تكون بالإرث]
  دخول الجنة فلا يفوت عن باغض أهل البيت إلا مزايا الدرجات، فليس في ذلك كثير مشقة»، هذا معنى كلامه.
  فالجواب: أنا لا نسلم استحقاق الجنة لمن أبغض أهل بيت النبي ÷، ولا استحقاق الشفاعة؛ لأن شفاعته ÷ لمن يستحق الجنة؛ لما قدمنا من الأدلة، فحيث يستحق الجنة يستحق الشفاعة، وحيث لا يستحق الجنة لا يستحق الشفاعة، وكيف يحكم لنفسه بالهوى، وأن مبغض أهل البيت $ يكون من أهل الجنة، ثم يصغر منزلة الشفاعة، وهيهات من هذا المرام(١).
(١) قال ¦ في التعليق: ينظر، فإن الفقيه إنما قال: يلزم على الحديث أحد أمرين: إمَّا ثبوت الشفاعة للعصاة، يعني وأنتم تنكرون ثبوتها لهم، وإمَّا اختصاصها بالمؤمنين وأنها تُحَصِّل زيادة درجات ونعيم كما قلتم، فلا ضير على من آذى النبي ÷ ولم يخلفه في عترته بخير بل بشَرٍّ، غاية الأمر أن يفوته درجات، ولا مشقة تلحقه.
وما أتى به الإمام # فإنما هو استدلال على ثبوت الشفاعة وأنها ليست للعصاة، وأنه لا يستحق الجنَّة من أبغض أهل البيت $، وأن زيادة الدرجات مما يتنافس فيه، فلم يظهر من كلام الإمام # المخلص من إبداء ما يجب أن يذكر من أمر ثالث يخرج إليه.
والذي يخطر أن لفظ الحديث وهو: «لا نالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي» أعم ممَّا قاله الفقيه إنه من خلفه في العترة بشر، بل صادق عليه وعلى من لم يخلفه بشيء لا بِشَر ولا خير؛ لأن الظاهر أن معنى الحديث: (من لم يخلفني في عترتي بخير) فإمَّا أن يخلفه فيهم بشر، وإماَّ أن لا يحسن إليهم بقضاء حوائجهم، فعلى الأول يكون معنى: «لا نالت شفاعتي من لم يخلفني ... إلخ» خذلهم وأملى لهم الله وسد عليهم أبواب التوبة حتّى لا يصيروا في زمرة المؤمنين المستحقين، لأن أشفع لهم. وعلى الثاني ولعله الأظهر: لا زادهم الله في درجاتهم بشفاعتي لتقصيرهم وعدم إحسانهم إلى عترتي. ويشهد لهذا المعنى حديث (الصحيفة) لعلي بن موسى الرضا: «شفاعتي لثلاثة: للضارب بسيفه أمام ذريتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه» وفي هذا مخلص ممَّا ألزم به الفقيه، ونختار الثاني من الأمرين.
فمع تأويله فيمن أبغض العترة بالخذلان لا ينصرف الدعاء إلى فوات درجات؛ بل إلى الدخول في زمرة الفجَّار، فيستحقون غضب الجبَّار، ومع تأويله بمن لم يحسن إلى العترة مع كونه من أهل الجنَّة يكون قد فات عليه أمر عظيم وخطر جسيم، فقدر سوط من الجنَّة يساوي الدنيا وما فيها، فكيف يحقره الفقيه ويصغره؟!
=