كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الحوار في حديث فضل أهل البيت على الناس وتصحيحه]

صفحة 324 - الجزء 2

  عمن سواهم، وسمى من جهل حقهم مارقاً ملحداً.

  ثم قال بعد ذلك: «ولم يفضلوا إلا بمتابعة النبي ÷» فرجع عما أقر به أولاً؛ لأن فضلهم إن لم يكن إلا بالأعمال فهم ومن شاركهم في تلك الأعمال سواء، بل ربما يرى الفقيه لسعة علمه أن غيرهم أعلم منهم وأكثر عملاً، فنقض بآخر كلامه ما أثبته أولاً، وكيف يسوغ له هذا الشرط، ولم يرد به شيء من الأخبار بل وردت في فضلهم مطلقة، ولعله يظن أنا نقول: إنهم ينالون الدرجات العلى في الآخرة بمجرد هذا الفضل والنسب الشريف، وحاشا وكلا، وقد أجبناه عن مثل هذا فيما تقدم، وذكرنا أن عالمهم أفضل من عالم الرعية، ولهذا يصلح للإمامة دون الرعي وإن بلغ بزعمه الغاية في خصال الفضل عنده سوى المنصب الشريف، ولهذا نزههم جميعاً رسول الله ÷ عن أكل الصدقة، وقال: «إنها غسالة أوساخ الناس» ولهذا جعلهم الله تعالى شهداء على الناس في آية الاجتباء⁣(⁣١)، ولم يجعل عليهم شهيداً سواه سبحانه ورسوله ÷.

  فلو كان ما قاله الفقيه لما فرض مودتهم ولا ألزم طاعتهم، ولا جعلهم حجة على خلقه، وشهداء على بريته، ولا جعل إجماعهم حجة يجب اتباعها ويحرم خلافها، وإنما الفقيه ينفق من فضل ما عنده،

  يظهر النطق ما يكن الضمير

  ولهذا سأل مستهزئاً بالخبر معلناً بالإنكار، فقال: «ولكن أخبرني ما فضل البنفسج على سائر الأزهار؟! فهو شجر إذا جفّ لم توجد له رائحة وفي حال رطوبته له رائحة يسيرة.


(١) إشارة إلى قول الله سبحانه وتعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٨].