كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[إيراد الفقيه لبعض فضائل أبي بكر]

صفحة 354 - الجزء 2

  فالجواب: أن ما ذكره في حديث الغار ودعاء النبي ÷ لأبي بكر بالكون معه في درجته، وأنه قد استجيب، وكذلك ما في الحديث الثاني من كونهما سيدي كهول أهل الجنة، وما تعسفه في ذلك من التأويل الطويل بغير طائل - فالجواب عنه: أن ما صح من ذلك جميعه فهو على ما قدمنا على الحال التي فارقوا عليها رسول الله ÷، فإن بقوا عليها فهم أهل لما ذكر ولا يبعد عنهم ذلك وأوفى منه.

  وإن كانت مع ما وقع من الهفوات والزلات، والترقي للمراتب التي هي فرع النبوة بغير استحقاق، بل مع وجود أهلها الذين هم محلها ومنصبها - فالأمر في ذلك يختلف فمن بدل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم، ومن بدل إساءة بعد إحسان، فقد عرض نفسه للخسران المبين.

  وقد ذكرنا له مراراً أنا لا نقطع على إحباط ما وقع منهم من الاستئثار والتقدم لما فعلوه قبل ذلك في عصر النبي ÷؛ لأنا لا نعلم مقادير الثواب والعقاب وأيهما أغلب في حقهم إلا بوحي، وكانت الحوادث منهم بعد انقطاعه، فيسعنا أن نكلهم إلى ربهم ø؛ فإن عفا ففضل، وإن عذب فعدل، وذلك عمل بمقتضى العلم، لا ما هجم عليه أهل الإفراط في تصويبهم في الإقدام على الانتصاب لأمر الأمة مع وجود أكبر الأئمة، ولا ما هجم عليه أهل التفريط الذين نسبوهم إلى أنهم كانوا منافقين وذوي أحقاد وأظهروا مكنونهم من ذلك بعد وفاة النبي ÷، فالحق بين التفريط والإفراط؛ لأن الفريقين لا حجة معهما، ومعنا الحجة على إسلامهم وجهادهم وحسن صنيعهم في الدين، وكذلك معنا الحجة التامة على أن أمير المؤمنين علياً # أحق منهم بالإمامة، وأولى من جميع الخلق في وقته بالزعامة؛ لنص الكتاب الكريم، وقول الرسول ÷ صاحب الشرع القويم، على ما سبق ويأتي منه ما يليق بموضعه إن شاء الله تعالى.

  وأما ما حكاه [الفقيه] عن صاحب الرسالة من قوله [أي القرشي]: فجميع