كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مسألة (ثلاثة أطفال) بناها الفقيه على القول بوجوب فعل الأصلح والجواب عليها]

صفحة 376 - الجزء 2

  الأصلح للعباد كلهم ليس بواجب على الله تعالى ولا هو موجود».

  فالجواب: أنه بنى سؤاله على أن فعل الأصلح واجب؛ وقد بينا أنه غير واجب، إنما يذهب إلى ذلك بعض المعتزلة، ولعله لجهله بمقالة علماء المذاهب ظن أن الزيدية ترى ذلك، وفرقنا بينه وبين الصلاح الذي هو اللطف، وبينا أقسام اللطف، وبينا المفسدة، وأنها مخالفة لما يفعله تعالى من كل وجه، فلا يلزمنا الجواب عما أورده من مثال الثلاثة الذين ثالثهم الطفل.

  غير أن هذا السؤال لا يخلو، إما أن يورده مقر بالصانع تعالى وعدله وحكمته، أو ملحد منكر؛ فإن كان ملحداً منكراً نقلنا الكلام معه إلى إثبات الصانع سبحانه وتعالى، ثم إلى العلم بصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز، ثم إلى العلم بأنه تعالى عدل حكيم لا يفعل إلا الحكمة والصواب.

  وإن كان ممن يقر بالصانع تعالى، ويعترف بعدله وحكمته وأنه لا يفعل القبيح، قيل له: متى ثبتت هذه الأصول، وقد وقع من الحكيم مثل ما ذكرت، وجب على أن يقطع أنه حكمة وصواب، سواء عرفنا وجه الحكمة في ذلك أو لم نعرف؛ لأنا متى عرفنا حكيماً من العباد يعالج الأعِلَّاءَ بأدوية مختلفة فمنها الحلو والمر، ومنها المؤلم والملذ، لم يكن لنا الاعتراض عليه فيما يعالج الأعلاء ثقة به وسكوناً عليه، ونسلم له مقاليد الأمور.

  وقد ثبت أنه سبحانه وتعالى العالم الذي لا يجهل، والقادر الذي لا يعجز، والحكيم الذي لا يفعل الفعل إلا لغرض حسن صحيح في الحكمة، فيجب أن نسلم له الأمر أحق وأولى، وهذا الجواب كاف لأهل الجمل⁣(⁣١).


(١) قال ¦ في التعليق: ما ذكره الإمام ¥ من الجواب لأهل الجُمَلِ، وأنه كافٍ، ففيه إشكال؛ لأن المعالجة ظاهرة فيما يفعله الله في الدنيا، فما فعل الله بعباده من نفع أو ضرر فهو لمصلحة تعود إليهم وإن خفي عنَّا وجهها؛ لأنَّا نُقَدِّر أن ما فعله تعالى من ألم أو سقم أو نحو ذلك فلمصلحة من جلب نفع أو دفع ضرر أعظم، وهذا لا يمكن تقديره في الآخرة فيمن دخل النار.

=