كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام فيمن يستحق اسم المجبرة]

صفحة 419 - الجزء 2

  وغير ذلك لمن يعتقد هذه المذاهب، وهذا كله يعيد ما ألزمناه في القدر، وإنما أحبَّ أن يحشو الأوراق بما يتعلق به الكلام وما لا يتعلق به، ولم يكن بُدّ له من الجواب على كل حال.

[الكلام فيمن يستحق اسم المجبرة]

  وأما قوله: «وأما اسم المجبرة فلا يلزمنا ذلك؛ لأنا لا نقول: إن الله يجبرنا على فعلنا بل نقول: نحن قادرون فاعلون مختارون غير مضطرين ولا مكرهين ولا ملجأين ولا مجبرين؛ فلا يصح ما قلتم وقد بينا ذلك فيما تقدم».

  فالجواب: أنه قد ثبت بقولك لهذا ما ألزمت خصمك؛ لأنك قد أثبت العبد فاعلاً مختاراً، وما زدنا على هذا شيئاً، وكانت مضاهاتك للمجوس بأن الفاعل لا ينفك عن الفعل، ولا يمكنه الخروج منه، ولا يقول بهذا إلا المجبرة والقدرية، وهذا رجوع منه إلى الحق، وهو أن العبد فاعل، وأن الله تعالى لا يخلق فعل العبد ولا يجبره عليه، ولا يلجئه إليه؛ لكن الفقيه قد عوّد نفسه المناقضة في الأقوال، والرجوع عن المذهب في أقرب الأحوال؛ فإن استقام على هذا القول وجهنا السؤال إلى غيره، وإن عاد إلى مذهبه الأول كان أحق بما يلزمه عليه من المحال.

  وأما قوله: «وقد بينا ذلك فيما تقدم».

  فالجواب: أنه قد مرت له أقوال متدافعة أربعة أو خمسة⁣(⁣١)، ولا نعلم أيها بقي عليه فنوجه الكلام فيها إليه، غير أن ما ظهر لنا من كلامه تكلمنا عليه، وصبرنا على حكاية مناقضاته ومغالطته في جوابه واعتراضاته؛ فمن أراد علاج المرضى صبر على روائحهم المنتنة، والله الموفق للصواب.

  وأما قوله: «وهو مذهب جهم بن صفوان ومن تبعه».

  فالجواب: أنه قد حكاه أولاً وتبرأ منه، ثم عاد بعد ذلك إليه؛ لكن الأعمال بخواتمها.


(١) بل سبعة أقوال وهذا ثامنها كما حكاها الإمام قبل هذه الأوراق.