كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[لا تأثير للأمر والنهي في التحسين والتقبيح]

صفحة 427 - الجزء 2

  المصالح والمفاسد كما ثبت في الناسخ والمنسوخ، فليفرق الفقيه بين الأمرين فبينهما فرق واضح.

[لا تأثير للأمر والنهي في التحسين والتقبيح]

  وأما قوله بعد ذلك: «إنه لا يقبح منه تعالى شيء؛ لأنه لم ينهه عنه أحد إذ ليس فوقه أحد سواه».

  فالجواب: أنا قد قدمنا أن القبيح يقبح لوجه يقع عليه سواء وقع النهي عنه أو لم يقع، وقسمنا القبائح إلى ما يقبح لوجه يقع عليه ويعلم قبحه العقلاء، وإلى ما يقبح لما يرجع إلى التكليف، فلا وجه لإعادته.

  وأيضاً فلو قبح القبيح لأجل النهي لوجب لو وقع النهي عن التوحيد والعدل والإنصاف ورد الودائع أن تقبح هذه الأفعال.

  وأيضاً فلو لم يقبح شيء من أفعاله - تعالى عن فعل القبيح - لأنه لم ينه عنه، لوجب أن لا يعرف حسن شيء من أفعاله؛ لأنه لم يؤمر، وهذا يخرج أفعاله تعالى عن كونها حسنة أو قبيحة، وفيه خروج من النفي والإثبات؛ لأن الحسن ما للقادر عليه أن يفعله، والقبيح ما ليس له أن يفعله مع كمال الوجوه.

  وأيضاً فكان لا يعرفُ حسنَ الحسنَ، وقبحَ القبيح إلا من عرف من أَمَر بالحسن ونهى عن القبيح، فلا يعرف للملحدة والعوام حسن شيء من الأفعال ولا قبحه، وذلك باطل.

  وأما جوابه لصاحب الرسالة في مسألة الاكتساب بقوله: «فأقول اعلم أن الكسب الذي أثبته أهل السنة للعبد صفة معلومة، وحالة مفهومة، وذلك أن كل عاقل يفرق بين حركته على وجه الاختيار وحركته على وجه الاضطرار، فحركات الماشي المتصرف في حاجته بخلاف حركات المفلوج والمسحوب، وهذا معلوم ضرورة، وإليه يعود معنى الكسب».

  فالجواب: أنه إن استقام على هذا الجواب ثبت أن الفعل المكتسب للعبد