[الكلام في سبب سكوت علي (ع) عن المنازعة]
  وأما قوله: «وإن كان لا يقدر على ذلك في حياة أبي بكر وعمر وعثمان، فأخبرني ما آل إليه الأمر أغير حكماً من أحكامهم؟ أم رد عليهم شيئاً مما عملوه؟ وقد ذكرنا أن من استقضى في بلده وهو لا يصلح للقضاء، ثم ولي بعده آخر كان له أن ينقض أحكامه كلها أصاب فيها أو أخطأ، فكيف بخلافة النبوة؟!».
  والجواب: أنه لا ينقض من أحكام المتقدم على من يستحق القضاء إلا ما خالف الكتاب والسنة، وما سوى ذلك لغو، فاعلم ذلك أيها الفقيه العالم! واسأل أهل الفقه عما لا تفهم، ولو نقضوا الحكم الذي لم يخالف الكتاب والسنة فبماذا ينقضونه أيها العالم؟!
  وعلى أن هذا الكلام من جنس ما سبق، وجوابه قد تقدم، وهو أنهم لم يبدلوا شيئاً من الشريعة، ولا حكموا فيها بخلاف ما أنزل الله ø، ولو صح لنا سوى ذلك لبينا دلالتنا عليه، فلا محاباة في الإنكار، لكن الواجب اتباع الحق أينما كان، والانقياد للدليل إذا استبان؛ فلو ظهر له # منهم حيف في حكم أو عمل بغير علم لم تأخذه في الله لومة لائم.
  وهذا الكلام يصلح مع من اعتقد تبدليهم للأحكام، وقصد هدم الإسلام، واعتقد فيهم أنهم أهل نفاق من أول الأمر حتى تمكنوا من الوثبة فوثبوها، ونحن إلى الله من القول بذلك براء، بل نرى صحة إسلامهم، وعظيم عنايتهم في الإسلام؛ فلو لم يظهر منهم ما ظهر من تولي الأمر دون أهله ما يخالجنا شك في علو درجتهم، وبقاء استحقاقهم؛ لما ورد فيهم من الترضية من الله تعالى ورسوله ÷، واستحقاقهم لدرجة الثواب التي بشرهم بها رسول الله ÷ فيمن بشر؛ لكن ما وقع منهم شوش الأمور، وكدر الصدور، والأمر في ذلك إلى العزيز الغفور.
  وأما قوله في القاضي الذي يتولى القضاء، وهو لا يصلح له - فالجواب عنه: ما تقدم، وعلى أنه لا يشبه ما نحن فيه؛ لأنا لم نقل: إنهم لا يصلحون لما