كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[رواية أحداث السقيفة]

صفحة 457 - الجزء 2

  والثروة، وأولو العدد والتجربة، وذوو البأس والنجدة، وإنما ينتظر الناس لما تصنعون فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم، وتنتقض أموركم، إن أبا هؤلاء إلا ما قد سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير.

  فقال عمر: هيهات لا يجتمع اثنان في قَرَن، إنه والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيئها ÷ من غيركم، ولكن العرب لا تمنع أن تولي أمورهم من كانت النبوءة فيهم، وولي أمورهم منهم، ولنا بذلك على من أبى ذلك من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدلٍ بباطل، أو متجانفٍ لإثم، أو متورط في هلكة.

  فقام المنذر بن الحباب - أو الحباب بن المنذر - فقال: يا معاشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم ولا تسمعوا قول هذا وأصحابه فيذهب نصيبكم من هذا الأمر؛ فإذا أبوا عليكم فأجلوهم عن هذه البلاد، وتولوا عليهم هذه الأمور؛ فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم، فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن ليدين، أنا جذيلها المحكك⁣(⁣١)، وعذيقها المرجَّب⁣(⁣٢)، أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة⁣(⁣٣). فقال عمر: إذاً يقتلك الله، قال: بل إياك يقتل؛ فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار، إنكم أول من نصر وآزر، فلا تكونوا أول من غير وبدل؛ فقام


(١) قال في لسان العرب بعد أن أورد كلام الحباب: قَالَ يَعْقُوبُ: عَنى بالجُذَيْل هَاهُنَا الأَصل مِنَ الشَّجَرَةِ تحتكُّ بِهِ الإِبل فَتَشْتَفِي بِهِ، أَي قَدْ جَرَّبتني الأُمور وَلِي رأْي وَعِلْمٌ يُشْتَفَى بِهِمَا كَمَا تَشْتَفِي هَذِهِ الإِبل الجَرْبى بِهَذَا الجِذْل، وصَغَّره عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ، وَقِيلَ: الجِذْل هُنَا العُود الَّذِي يُنْصَبُ للإِبل الجَرْبى. اهـ (١١/ ١٠٧).

(٢) قال في لسان العرب بعد أن أورد كلام الحباب: قَالَ يَعْقُوبُ: التَّرْجِيبُ هُنَا إِرفادُ النَّخلةِ مِنْ جَانِبٍ، لِيَمْنَعَها مِنَ السُّقوط، أَي إِن لِي عَشِيرةً تُعَضِّدُني، وتَمْنَعُني، وتُرْفِدُني. والعُذَيْقُ: تَصْغِيرُ عَذْقٍ، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ النَّخْلَةُ. اهـ (١/ ٤١٢).

(٣) قال في لسان العرب: وأَعَدْتُ الأَمْرَ جَذعاً أَي جَدِيداً كَمَا بَدَأَ. وفُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي بُدئ. وفَرَّ الأَمرَ جذَعاً أَي أَبْدَأَه. وإِذا طُفِئتْ حَرْبٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِن شِئْتُمْ أَعَدْناها جَذَعةً أَي أَوّلَ مَا يُبتَدَأُ فِيهَا. اهـ (٨/ ٤٤).