كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نكتة في سكوت أمير المؤمنين (ع)]

صفحة 461 - الجزء 2

  وحل عقدها، وأحال عقولها، واستل من صدورها حميتها، وانتزع من أكبادها عصمتها، ونكث رشاها، وأنضب ماءها، وأضلها عن هداها، وساقها إلى رداها، وجعل نهارها ليلاً، ووزنها كيلاً، ويقظتها رقاداً، وصلاحها فساداً.

  إن كان هكذا إن سحره لمبين، وإن كيده لمتين؛ كلا والله بأي خيل ورجل، وبأي سنان ونصل، وبأي قوة ومنة، وبأي ذخر وعدة، وبأي يد وشدة، وبأي عترة وأسوة، وبأي معتضد ونصرة؟! فلقد أصبح عندك بما وسمته منيع الرقية، رفيع الغنية.

  والله ما الأمر على ما زعمت، لكنه سلا عنها فَوَلَهَت إليه، وتطامن عنها فلصقت به، ومال منها فمالت إليه، واشتمر دونها فاشتملت عليه، حبوة حباه الله بها، وغاية بلغه الله إليها، ونعمة سربله الله جمالها، ويداً أوجب الله عليه شكرها، وأمة نظر الله به لها».

  فالجواب: أن حديثنا في علي # فأحال الكلام إلى الأمة:

  كم عربي صريح ... قد بان لي فيه عيب

  سألته عن أبيه ... فقال خالي شعيب

  فما كنى عن أبيه ... إلا وثمَّ سُبيب

  وحديثنا: أنه وثب على الأمر، وتغلب على علي # فإن قلت: بمن؟ قلنا: بأبطال قريش الذين جرعهم علي # حزن الأحبة، وأكثر الأمة إلا من ذكرنا وهم كالشعرة السوداء في الجلد الأبيض، والبيضاء في الأسود.

  فهذا الجواب إن مدائحه هذه لأبي بكر تنقسم فما كان منها قبل الأحداث فغير ممتنع، وما كان منها حالة الأحداث والاستيلاء على أمر ليس له بل غيره أحق به منه، وهو من أوجب الله تعالى طاعته في كتابه المبين، ونص عليه بذلك الرسول الأمين في المقامات المشهورة، والألفاظ المأثورة، لا يمكن الفقيه ولا