[بيان معنى آية الاجتباء وإفادتها للإمامة]
  معارضة له في باب السكوت أنه لا يدل على الرضا؛ إذ لم يكن الحال حال سلامة من المشاقة والمضارة، ولم يكن هناك تمكن من بيان المخالفة في الأوقات الثلاثة، أولها السكوت عن النكير في بيعة أبي بكر، الثاني: السكوت عن النكير في قتل عثمان، الثالث: السكوت عن النكير في ادعاء إمامة معاوية؛ فما هذه الغفلة الزائدة، ممن يدعي أن مَنْ عنده تُلتمس الفائدة؟!
  وأما قوله حكاية عن صاحب الرسالة بقوله: «وأما قول القدري: ما ذكر بعد مدح أبي بكر بالنظم، ومدح المهاجرين والأنصار، والثناء عليهم بما أثنى به الملك الجبار، قال: فكل ذلك الثناء حق صحيح، يستحق في الحال؛ لما سنبين تفصيله فيما بعد عند مثل هذا السؤال - فأقول [الفقيه]: لقد افترى هذا الرجل على النبي ÷ بما قال افتراءً عظيماً، واحتمل بهتاناً وإثماً مبيناً، وزعم أن النبي ÷ إنما شهد للعشرة بالجنة في حالتهم تلك، وأنه لم يعلم بعد ما يصيرون إليه من تبديل أو ثبات، وأن ثناء الله تعالى عليهم أيضاً كذلك».
  فالجواب: أن الفقيه ما قابل الذي حكاه عن صاحب الرسالة إلا بأنه افترى على النبي ÷، ولم يبين من أين كان افتراه؟
  وأما قوله: «فكيف وقد أخبر النبي ÷ عن أشياء من أمر الغيب تكون بعده، أخبر يوم الخندق أن عماراً تقتله الفئة الباغية، ولم يسلم بَعْدُ معاوية ولا أبوه، بل أسلما عام الفتح، وأخبر عن أمر كسرى وقيصر وغير ذلك؛ فكان على ما أخبر؛ فأخبرني قول النبي ÷: أبو بكر في الجنة، يريد أنه في حالته تلك في الجنة موجوداً فيها؟ فلم تُخلق الجنة بعدُ على أصلك، على أن هذا تكذبه المشاهدة. أو سيصير إليها فكيف يجوز الحكم بغير ذلك مع إخبار النبي ÷؟ أفينطق النبي ÷ عن الهوى، ويكذب على الله في الوحي الذي يوحى؟
  أم تقول: إن الله تعالى قد كذب في ثنائه على المهاجرين والأنصار بأنه أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، وأنه قد رضي عنهم ورضوا عنه، أم تقول: أخبر