كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام حول الرضا والسخط]

صفحة 471 - الجزء 2

  يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٥٥}⁣[النور]، فمدحهم الله تعالى وأثنى عليهم وأخبر أنه منجز لهم ما وعدهم، ثم توعد من كفر بعد ذلك منهم وذمه.

  وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ١٥ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦}⁣[الأنفال]، فأخبر سبحانه أنه يغضب على من فر من الزحف، وإن كان قبله مؤمناً مرضياً عنه.

  وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}⁣[النساء]، فأخبر سبحانه أنه يغضب على من قتل مؤمناً متعمداً.

  ثم أخبر أنه يقبل توبة القاتل بقوله: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ٦٩ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}⁣[الفرقان]، وذلك يوجب أن يرضى عنه بعد أن غضب عليه.

  فثبت أن الكفر بعد الإيمان ممكن، والسخط بعد الرضا جائز، وكذلك الرضا بعد السخط؛ فكيف يستبعد ما هو قريب، ويفسد ما هو صحيح؟ وكيف حكم على من قال بذلك بالشرك الصراح والكفر البواح؟ - وإن كانت مزاوجة الصراح بالبواح من غريبه⁣(⁣١) - ويقول: لكان ينبغي أن لا يضيع الوقت بالحديث مع إنسان هذا حاله، وإلى تكذيب الله وتكذيب رسوله قصده ومآله.


(١) الصراح بالفتح والضم: الخالص، وبالضم أيضاً والكسر، والبواح: الجهار، هذا معنى ما في القاموس والنهاية، ولعل الإمام # أراد أنه لا مناسبة بين الخالص أو المواجهة وبين الجهار. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.