[فضل العترة بالنسب النبوي]
  كمن يعلم ضئره(١) الإرضاع.
  وأما ما ذكره في خطأ التلاوة؛ فإن وجد ما يمكن سقوط مثله سهواً، فأهل العلم والأدب والحياء لا ينقده؛ فإن ذكر أنه لا علم لنا بالتلاوة فهو كما قيل في المثل: أتخبرني عن ضَبٍّ احترشته، ويلك في بيت مَنْ نزل؟ وعلى مَنْ نَزَل؟ إنما كان يتوجه كلامه في أنواع القرآن ومعاني الإعراب.
  وإن ظن الفقيه أن القرآن لا يوجد نظماً صحيحاً إلا في جهته؛ فقد أكذبه تعالى بحكاية حفظه بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر]، ولو كان كما توهم لتعين عليه فرض الانتقال ليعرف الناس بالقرآن الكريم، أو يأمر بنسخة تقابل بها نسخة الناحية إن كان لا يثق بضبط الحافظين؛ لقد أضحك ثقال الأحلام، وشابه بهيمة الأنعام، كيف يجهل بالأمر أهله، ويباعد عن الفرع أصله، وقد أفردنا لما ذكرنا فصلاً، وأجبنا عنه حرفاً حرفاً، وبينا له خطاه فيما ذكره بما إذا عرضه على أهل هذا الفن عرفنا أنهم يشفعون قولنا بالتصديق، وبراهيننا بالتحقيق، ويحك فمن أهل هذا اللسان والبيان، والسنة والقرآن، إلا ذرية الرسول وسلالة البتول، وهل رُبِّيَ العلمُ إلا في حجورهم، وهل دبّ ودرج إلا في منازلهم، وهل انتشر إلا من ألسنتهم:
  أضحى يُجَهِّلُنِي بِمَا عَلَّمْتُهُ ... ويريش من ريشي ليرمي أسهما
  فإن قلت: معاذ الله ما أخذ العلم عنهم؛ فأجدر بك أن تكون كذلك، ولكن ذلك الذي جمعته لا يكون علماً على الحقيقة، وإنما هو شبهة وبهرج(٢)؛ لأنه لم يستخرج من معدن النبوة، ولا سبك في تواريخ اعتبار محن الذرية فمن أين تأتيك الإصابة، أين النبعة من العرابة، وأين الزبدة من الحبابة(٣).
(١) الضئر: هي المرضعة.
(٢) أي: ردى.
(٣) النبع شجر للقسي وللسهام ينبت في قلة الجبل، والنابت منه في السفح الشريان، وفي الحضيض =