كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في بعض مسائل أصول الدين]

صفحة 488 - الجزء 2

  للنهي عن تقليد الرجال، وما في ذلك مما يتعلق بأن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد حتى يُصَدَّر الكلام به، لولا قلة التأمل في الرسالة الأولى، ثم في اعتذاره في الأخرى، بل هي ظلمات بعضها فوق بعض.

  وأما الإتيان ببعض الألفاظ في بعض المواضع، فذلك جائز كما ذكره قبل ذلك مستوفى؛ لئلا تكرر الحكايات، واعتبر ذلك بالاستدلال بالأخبار بل بالآيات، ولكن الفقيه يتطلب ما لا يجد ولا يدري عند الإلزام على ماذا يعتمد.

  وأما قوله: «ثم قال حاكياً عن صاحب الرسالة والكلام عليه في هذه الجملة أن خروجه إلى الحكايات إلى قوله: والرجاء أن ينتظمه قول الله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}⁣[الزمر: ١٨]، [قال الفقيه]: فأخطأ في تلاوة الآية ولم يتبع معناها، أما التلاوة فإنها: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}⁣[الزمر]، وأما المعنى فإنه ترك المنقول وعدل إلى المعقول، ولم يلتفت إلى ما قال الله وقاله الرسول، فهذا يدل على أنه ما استمع القول فيتبع أحسنه، وسأستدل إن شاء الله بأن هذا الرجل هو الذي قلد الأسلاف، وركن إلى معتقدي الباطل من الخلطاء والآلاف».

  فالجواب عنه: أن ما نقده من التمثيل ببعض الآية ليس بمنقود، إذ ليس مجرد التلاوة هو المقصود، بل غرضه أن يتبرك بما يتعلق بالمسألة من القرآن فيأتي بمقدار الغرض دون أن يستوعب الآية، وكذلك فيما ورد من الأخبار.

  والفقيه لفضل علمه أتى من هذا الباب بما لم يسبقه فيما علمنا سواه، فلو أنه اطلع على كتاب الشهاب ففيه ألف ومائتا كلمة ما منها أو أكثرها إلا ما هو منقطع عما كان متصلاً به من أوله أو آخره أو معرفة سببه الذي كان يتضح به.

  وكذلك في المراسلات والتمثلات والمحاضرات على أن الفقيه قد فعل معنى هذا في أثناء هذه المسألة، وذكر أول الكلام بمثل ما أتى به، وقال إلى قوله: والرجاء أن ينتظمه قوله سبحانه: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}