كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في بعض مسائل أصول الدين]

صفحة 489 - الجزء 2

  [الزمر: ١٨]. فهل عاب إلا مثل ما أتى به، فما أجاب به فهو جواب صاحبه.

  وأما قوله في الآية: «إنه لم يتبع معناها، وفسر ذلك بأنه ترك المنقول، وعدل إلى المعقول».

  فالجواب: أن الفقيه لا بدل له من أن يستعمل المعقول ولو رام أن يجعل كل حجة على مسألة من المنقول لم يتأت له ذلك، وعلى أنه لا يفسد المعقول بالمنقول؛ إذ المنقول ليس فيه ما يفسد المعقول بل فيه ما يدل على اتباع المعقول على ما ستجده عند الكلام في ذلك مفصلاً إن شاء الله تعالى.

  على أن الفقيه متى رام إفساد المعقول لم يتمكن فيه إلا باستعماله، فيكون في تصحيح حجته إبطال سؤاله، إن كان ممن يذهب بمثل ما ذكرنا هاهنا.

  ثم قال حاكياً عن صاحب الرسالة: «وأما قوله [أي القرشي] بخلاف الفروع التي ندبت إلى حكاية مذهب المخالف وشبهته ... إلى آخر كلامه - فإن كان يريد ما أردته بقولي من ذكر زيد بن علي - عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام - وأن مذهبه في الأصول مذهب آبائه $، ومن مذهبهم الاعتراف بفضل أبي بكر وعمر، وتقديمهما في الخلافة، واستدللت على ذلك بأحاديث مسندة صحيحة نقلها العدل عن العدل عن النبي ÷؛ فأعرض هذا الرجل عنها، ولم يلتفت إلى شيء منها، عجزاً عن جوابها، وإغلاقاً منه لبابها، وهكذا صنيعه في أكثر رسالتنا لما قهقر عن البلوغ إلى شأو مقالتنا.

  ونقلت طرفاً من مذهب زيد بن علي # في الفروع ليعلم أن قول القائل بأنه على مذهبه من غير تحقيق، رأي مصنوع، وقول مدفوع، وعاب غير معيب، وزعم أنه احتج على رد قولي بقوله: كل مجتهد مصيب».

  والجواب: أن ما رامه جواباً لصاحب الرسالة وأنه استفسره عن مراده أنه إن أراد أن مذهب زيد في الأصول مذهب آبائه $ - فالجواب: أن مذاهبهم $ متفقة في العدل والتوحيد وتنزيه الله الواحد الحميد عن أفعال العبيد، يشهد بذلك كلامهم من أول الأمر إلى وقتنا هذا، بل نرجوه إلى آخر الدهر؛