[مناقشة الفقيه في بعض مسائل أصول الدين]
  فكلام أبينا علي # في الخطب والرسائل وجوابات المسائل يشهد بذلك.
  ولعلك ترى في جوابنا هذا ما يشفي إن شاء الله، وأما تتبع أقوال سائرهم $ واحداً واحداً؛ فهو مما يشق ولا ينضبط، وقد ذكرنا من ذلك في جوابنا هذا طرفاً.
  وأما قول الفقيه: إن مذهب زيد وآبائه $ الاعتراف بفضل أبي بكر وعمر وتقديمهما في الخلافة.
  فالجواب: أنه قول باطل، وعن الحق مائل، وكيف يجمع أهل البيت $ على خلاف ما قام دليله، ووضح سبيله من الكتاب الكريم، والسنة الشريفة من أن علياً # هو الإمام بعد النبي ÷، وأنه أولى بذلك المقام، ممن تغلب عليه من الأنام، وعلومهم تشهد بما قلناه، ولعل الفقيه لم يقف على كتاب (بدائع الأنوار في محاسن الآثار)(١) الجامع لأصول علوم آل محمد - عليه وعليهم السلام - ولم يقف على سيرة محمد بن عبدالله النفس الزكية $.
  فأما مجموع الفقه لزيد بن علي # فهو ظاهر الاختصاص بالفروع، وللقاسم بن إبراهيم # في التوحيد ثلاثة أجزاء، وجزء في العدل، وجزء في الرد على القدرية المجبرة، وجزء في الرد على الروافض، وجزء في الرد على الإمامية، وله قدر ثلاثين كتاباً في الفقه وغيره.
  ولو سمينا لك أهل البيت $ بأعيانهم استولت على جملة من الكتاب، فكيف إن فصلنا، فليعين الفقيه أي كتبهم أو في أي علومهم وجد أنهم يعتقدون إمامة أبي بكر وعمر، لقد طلب بيض الأنوق(٢)، ورام الطيران من النوق، ألم يعلم أن الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
(١) هو أمالي الإمام أحمد بن عيسى #، ويقال لها: (رأب الصدع).
(٢) والأنوق كصبور العقاب والرخمة أو طائر أسود له كالعرف أو أسود أصلع الرأس أصفر المنقار، وهو أعز من بيض الأنوف لأنها تحرزه فلا يكاد يظفر به؛ لأن أوكارها في القلل الصعبة. انتهى من القاموس. وهو مثل ضربته العرب لما لا ينال ولا يدرك، قال الشاعر:
وكنت إذا استودعت سراً كتمته ... كبيض أنوق لا ينال لها وكر
مجمع الأمثال (١/ ١٥٦).