[معنى الكون المطلق]
= ولذا قال الإمام: يختصان بحالة البقاء أي بقاء الجوهر.
وقوله #: (وفي حال البقاء ... إلخ)، لعلَّه بنى على جعل الحركة بمعنى صفة. تمت.
[معنى الكون المطلق]
فائدة: اعلم أنه يستحيل حصول الجسم حالة إحداثه لا في جهة، فكونه في الجهة حالة الحدوث يسمى كوناً مطلقاً، أي غير مقيد بكونه بعد مثله أو بعد ضده.
فإن تعقبه كونٌ ضدُّه بأن يحصل في جهة أخرى أعني الجسم فهو المسمى بحركة، ووجه التضاد أن حصول الجسم في جهتين في حالة واحدة محال.
وإن حصل بعد الكون الأول كونٌ آخر مثله وَلِيَهُ بلا فصل، أو استمر وجود الكون الأول وهو المطلق بأن بقي وقتين فصاعداً فهو المسمى بالسكون.
وقولنا: كون آخر مثله: بناءً على أن السكون أكوان متعددة.
وقولنا: أو استمر ... إلخ، بناءً على أنه كون واحد.
ويحصل من هذا: أن الكون المطلق لا يسمى حركة ولا سكوناً، حتى لو عدم الجسم بعد وقت كونه في الجهة بلا تراخٍ - لَكَشَفَ أنه كان خالياً من الحركة والسكون.
فقولهم: خلو الجسم عن كليهما محال، مرادهم في حالة بقائه وقتين فأكثر لا مطلقا.
إذا عرفت هذا فالأكوان على مذهب المعتزلة توجب للأجسام صفاتاً، فتحركها موجَب عن الحركة، وكونها ساكنة مُوجَب عن السكون، وكذلك سائر الصفات موجَبة عن المعاني.
قالوا: ولا يصح كونها بالفاعل خلافاً لنفاة الأعراض، فعندهم أن الصفات بفاعل الجسم.
وأجابت المعتزلة: بأن وقوع الجسم على وجوه مختلفة تابع لحدوثه، وهي تحصل بعد حدوثه، وحدوثه قد زال. وقد زال الجسم بعد حدوثه عن تعلق قدرة محدثه به، فكما أنه لا يقدر على تحريكه في حال عدمه، فكذلك في حال بقائه لخروجه عن التعلق بالقدرة في الحالين.
وكذا لو كانت بالفاعل لصح خلوه عن جميع الصفات؛ إذ ما بالفاعل لا يجب وجوده، فيكون الجسم لا متحركاً ولا سكاناً في حال بقاءه، وكذا لا مجتمعاً ولا مفترقاً، وهو لا يعقل.
وكذا ما أجاب به الإمام # على الأشعري من أن بها تقع المماثلة والمخالفة على وجه لا يتبدل ولا يتغير، وما بالفاعل يجوز تغيره ... إلخ. إذا عرفت هذا، فقول الإمام #: (لا يصح لأن الحركة والسكون ... إلخ).
إنما يرد على الفقيه لو قال: وجعل الحركة حركة والسكون سكوناً مقارناً لجعل الذات ذاتاً، وأمَّا إذا أراد جعلهما مع بقاء الذات فهو كقولنا.
وكذا قول الإمام #: (وفي حالة البقاء فقد خرج المقدور عن التعلق).
إنما يرد على الفقيه لو قال مثلاً: وجعل الذات متحركة وساكنة، حتى يفيد أنه يجعل الصفات بالفاعل، لكن ظاهر عبارته مثل قولنا من إثبات المعاني فلينظر، ولعلَّ الإمام بنى على أن مذهب الفقيه كمذهب الأشعري، من كون الصفات بالفاعل وأنه لا فرق بين الحركة والتحرك، فلو قال هنا: وجعل الحركة، فهو يريد التحرك فيتم الرَّد بما ذكره الإمام #. تمت.